للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

روى في كتابه أحاديث على هذه الصفة دلَّ على أنه رضيها وعرف اتصالها من وجه آخر، ولا يبعد أن ينقدح في ذهن الإمام قرائن يطمئن من خلالها على ثبوت الخبر عنده. والله أعلم.

وقد جاء في "صحيح أبي عوانة" (٥/ ٧٤) بعد سياق هذا الحديث سند مُعَلَّقٌ، فيه تصريح أبي الزبير بالسماع من جابر - رضي الله عنه -.

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (لا تذبحوا) أي: في الأضاحي، وليس نهيًا عامًّا.

قوله: (إلا مسنة) بضم الميم وكسر السين وفتح النون المشددة، هي التي قد صارت ثنية (١)، والذكر: ثني، والثني من الغنم -ضأنها ومعزها- ما مضي من عمره سنة ودخل في السنة الثانية، ومن البقر ما دخل في الثالثة، ومن الإبل ما دخل في السادسة، وهذا هو المشهور عند الفقهاء وأهل اللغة في تحديد سنِّ الثني (٢)، سمي بذلك، لأنه ألقي ثنيته، وهي أسنان مقدم الفم.

قوله: (إلا أن يَعْسُرَ عليكم) بضم السين مضارع عَسُر من باب قَرُبَ: يَعْسُر، وبفتح السين في المضارع من باب تَعِبَ، والمعنى: إلا أن يصعب عليكم ذبحها بأن لا توجد أو لا يوجد ثمنها.

قوله: (جذعة) بفتحتين أنثي الجذع، وهي من الضأن ما بلغ ستة أشهر إلى سنة، هذا هو المشهور عند الفقهاء، ونقل الأزهري عن ابن الأعرابي أن الإجذاع وَقْتٌ وليس بِسِنٍّ، ومرجعه إلي خصب السنة وكثرة اللبن والعشب، فقد يجذع الضأن لستة أشهر، وقد لا يجذع إلا بعد ثمانية أو عشرة (٣).

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه لا تجوز التضحية بالجذع من الضأن إلا إذا عَسُرَ على المضحي وجود المسنة، ولكن الجمهور حملوا هذا


(١) "المطلع" ص (١٢٥).
(٢) انظر: "غريب الحديث" (٢/ ٤٢٧)، "المجموع" (٥/ ٣٨٥، ٣٩٧، ٤١٦)، "كشاف القناع" (٦/ ٣٨٤).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" (١/ ٣٥١)، "الزاهر" ص (٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>