للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عبد البر: (الآثار كثيرة مرفوعة عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين في استحباب العمل بها وتأكد سنيتها) (١).

واستدل الجمهور على ذلك بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة فقال: "لا يحب الله العقوق"، وكأنه كره الاسم، قال -أي: السائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما نسألك عن أحدنا يولد له؟ فقال: "من أحب أن ينسك عن ولده فلينسك عنه … " (٢).

فقوله: (من أحب) تفويض إلي اختيار الفاعل، فيدل على أن العقيقة ليست بواجبة؛ لأن الواجب لا يقال فيه: من أحب فليفعل.

وذهب الحسن البصري (٣)، والظاهرية (٤)، إلي وجوب العقيقة، وهو رواية عن أحمد (٥)، وهو قول الليث بن سعد مقيدًا وجوبها في اليوم السابع، وبعده غير واجبة (٦).

واستدلوا بحديث سلمان بن عامر الضبي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذي" (٧)، قالوا: فهذا أمر، والأمر للوجوب.

كما استدلوا بحديث سمرة - رضي الله عنه - الآتي: "كل غلام مرتهن بعقيقته … " وبحديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي -أيضًا-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم عن الغلام شاتان … ).

والقول الثالث: أن العقيقة تباح ولا تستحب، وهذا قول الحنفية؛ لأن


(١) "التمهيد" (٤/ ٣١٣).
(٢) رواه مالك (٢/ ٥٠٠)، وأبو داود (٢٨٤٢)، والنساني (٧/ ١٦٢)، وأحمد (١١/ ٣٢٠ - ٣٢١) وسنده حسن، وقد أعل بالإرسال، لكن الموصول أرجح، انظر: رسالة "الأحاديث التي أشار أبو داود في سننه إلى تعارض الوصل والإرسال فيها" للشيخ تركي الغميز ص (٢٩٥).
(٣) "الاستذكار" (١٥/ ٣٧١).
(٤) "المحلي" (٧/ ١٦٢).
(٥) "الإنصاف" (٤/ ١١٠).
(٦) "الاستذكار" (١٥/ ٣٧٢).
(٧) رواه البخاري تعليقًا (٥٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>