للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تشريع الأضحية نسخ كل دم كان قبلها من العقيقة وغيرها، فمن شاء فعل، ومن شاء لم يفعل (١).

وهذا قول ضعيف، قال ابن عبد البر: (ليس ذبح الأضحي بناسخ للعقيقة عند جمهور العلماء، ولا جاء في الآثار المرفوعة ولا عن السلف ما يدل على ما قال محمد بن الحسن ولا أصل لقولهم في ذلك) (٢).

والظاهر -والله أعلم- أن العقيقة سنة مؤكدة، لا ينبغي للقادر تركها؛ لأنها سنة، وإحياء السنة مطلوب، قال أحمد: (إذا لم يكن عنده ما يعق واستقرض رجوت أن يُخْلِفَ الله عليه، أحيا سنة) (٣)، قال ابن المنذر: (صدق أحمد، إحياء السنن واتباعها أفضل) (٤)، ومراد أحمد بذلك: تأكيد سُنِّية العقيقة، ولعل المراد بقوله: (فاستقرض) من يرجو وفاء في المستقبل، أما الذي لا يرجو الوفاء في المستقبل ولا ينتظر مالًا من مُرَتَّبٍ أو غيره فلا ينبغي أن يقترض ليعق.

وأما أحاديث القول الثاني فهي مؤكِّدة لفعلها، وليست نصًّا صريحًا في الوجوب، وعلي فرض دلالتها على الوجوب فهي مصروفة إلي الندب بحديث عمرو بن شعيب المتقدم، ولو كانت العقيقة واجبة، لكان وجوبها معلومًا من الدين؛ لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه، وتعم به البلوي، ولَبيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجوبها للأمة بيانًا عامًّا كافيًا تقوم به الحجة، وقد علق النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر العقيقة بمحبة فاعلها، كما تقدم (٥).

* الوجه الثالث: استدل الإمام مالك بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا على أن الذكر والأنثى سواء، فيعق عن كل واحد منهما بشاة، لقوله: (عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا). قال في "الموطأ": (الأمر عندنا في العقيقة أن


(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٦٩).
(٢) "الاستذكار" (١٥/ ٣٧٣).
(٣) "تحفة المودود" ص (٣١).
(٤) "الإشراف" (٣/ ٤٢١)، "المغني" (١٣/ ٣٩٥).
(٥) "تحفة المودود" ص (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>