للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الله الذكور والإناث … ) (١).

وذهب الجمهور من أهل العلم إلي تفضيل الذكر على الأنثى في العقيقة، فعن الغلام شاتان من الغنم -ولو من المعز- ذكورها وإناثها، وعن الجارية شاة، لحديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي وغيره من الأحاديث، قال ابن القيم: (التفضيل تابع لشرف الذكر، وما ميزه الله به على الأنثى، ولما كانت النعمة على الوالد أتم، والسرور والفرحة به أكمل، كان الشكران عليه أكثر؛ فإنه كلما كثرت النعمة، كان شكرها أكثر، والله أعلم) (٢). وقد رجح ابن القيم القول بالتفريق على القول بالمساواة من ثمانية أوجه، قال الشيخ محمد بن إبراهيم: (ولا يزيد على اثنتين، إلا إن كان من يريد دعوتهم كثيرين، والثنتان لا تكفيهم فلا بأس) (٣).

وأما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فقد تقدم إعلاله، وقد ورد عند النسائي (٤)، من طريق قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: (عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - بكبشين كبشين)، ولو صحت هذه الرواية لكانت موافقة للأحاديث الأخرى القولية الدالة على التفضيل (٥)، لكنها معلولة، وعلي تقدير ثبوت رواية: (كبشًا كبشًا) فليس فيها ما يرد الأحاديث الدالة على التثنية للغلام، بل غايته أن يدل على جواز الاقتصار على شاة واحدة، وهو كذلك، فإن العدد ليس شرطًا بل هو مستحب، فلو عق عن الذكر بشاة واحدة أجزأ (٦). والله تعالى أعلم.


(١) "الموطأ" (٢/ ٥٠٢)، وانظر: "شرح الزرقاني على الموطأ" (٣/ ٩٨).
(٢) "إعلام الموقعين" (٢/ ١٥٠)، وانظر: "زاد المعاد" (٢/ ٣٢٨).
(٣) "فتاوي ابن إبراهيم" (٦/ ١٥٨).
(٤) "السنن" (٧/ ١٦٥ - ١٦٦) وهو من رواية إبراهيم بن طهمان، عن حجاج، عن قتادة به. وقد تفرد به ابن طهمان، وأيضًا إذا ثبت عن قتادة فقد خالفه أيوب في الرواية الراجحة عنه فقد رواه عن عكرمة مرسلًا كما تقدم.
(٥) انظر: "تحفة المودود" ص (٣٨).
(٦) "المغني" (١٣/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>