فَكَنّى عنها بلفظ الشُّعَبِ التي هي بمعنى الأطراف، ليفهم بذلك المراد من حالة اتصال محلَّي الجماع.
قوله:(ثم جَهَدها) بفتح الجيم والهاء، يقال: جهد وأجهد، أي: بلغ المشقة، والمعنى: بلغ جهده فيها، وذلك بإيلاج ذكره في فرجها، ثم كَدِّها بحركته؛ لأن المرأة وإن كانت تتلذذ بذلك لكن يحصل منها جهد ومشقة.
وهذا من محاسن اللغة، حيث إنه يُكنَّى عما يُستحيا من ذكره بما يدل عليه، فإن المقصود من ذلك الكناية عن الجماع ومعالجة الإنزال، وأن ذلك إذا حصل فقد وجب الغسل وإن لم ينزل، وفي رواية:«وألزق الختان الختان» بدل «ثم جهدها»، وهذا يدل على أن الجهد كناية عن معالجة الإيلاج، وفي رواية عند مسلم:«إذا مسّ الختان الختان».
والمراد من التقاء الختانين: تغييب الحشفة في الفرج، وهو المراد بالمسّ، وليس المراد حقيقته؛ لأن ختان المرأة في أعلى الفرج، ولا يمس الذكر في الجماع.
قوله:(فقد وجب الغسل) أي: عليهما جميعاً.
الوجه الثالث: الحديث دليل على وجوب الغسل من الجماع على الرجل والمرأة، سواء أحصل إنزالٌ أم لا، لقوله في رواية مسلم:«وإن لم ينزل».
وقد أخرج مسلم من طريق هشام، عن حميد بن هلال، قال: ولا أعلمه إلا عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خالط فقد وجب الغسل.
قال: قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك، فقمت فاستأذنت على عائشة رضي الله عنها، فأذنت لي، فقلت لها: يا أماه، أو يا أم المؤمنين: إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أستحييك، فقالت: لا تستحي أن تسألني عما كنت سائلاً عنه أُمك التي ولدتك، فإنما أنا أمك، قلت: فما يوجب الغسل؟