للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالت: على الخبير سقطت! قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل» (١).

الوجه الرابع: هذا الحديث ناسخ لمفهوم حديث: «إنما الماء من الماء»، ودليل النسخ حديث أبي بن كعب قال: (إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نُهي عنها) (٢)، وهو صريح في النسخ، على أن حديث إيجاب الغسل ولو لم ينزل أرجح ولو لم يثبت النسخ؛ لأنه منطوق، وذلك مفهوم، والمنطوق مقدم في العمل على المفهوم، وقد روى مسلم من طريق أبي الزبير، عن جابر، عن أم كلثوم، عن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: إن رجلاً سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الرجل يجامع أهله ثم يُكْسِلُ، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» (٣)، وتقدم معنى الإكسال قريباً.

ونقل ابن رجب عن الدارقطني أنه قال: (لم يختلف عن أبي الزبير في رفع الحديث) (٤). وأم كلثوم: هي أخت عائشة رضي الله عنهما؛ ذكره ابن رجب، والنووي (٥) وقال: (هذا من رواية الأكابر عن الأصاغر).

وقد حكى النووي وغيره انعقاد الإجماع على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال، وكان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم لا يرون الغسل إلا بالإنزال، ثم رجع بعضهم، وانعقد الإجماع بعد الآخرين (٦).

وقد ساق الإمام مسلم في صحيحه في هذا الموضع عن أبي العلاء ابن الشّخير أنه قال: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينسخ حديثه بعضه


(١) أخرجه مسلم (٣٤٩).
(٢) أخرجه الترمذي (١١٠)، وأحمد (٣٥/ ٢٧) من طريق الزهري، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب به. وهذا الأثر له طرق متعددة عن الزهري، وقد صححه الترمذي، وابن خزيمة (١/ ١١٢)، وابن حبان (٣/ ٤٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (٣٥٠).
(٤) في "فتح الباري" (١/ ٣٦٩).
(٥) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٨١).
(٦) نفس المصدر (٣/ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>