للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ولا بالأنداد) جمع ند بكسر النون وهو الشبيه والمثيل، والمراد هنا: الأصنام والأوثان التي جعلوها لله تعالى أمثالًا؛ لأنهم يعبدونها ويحلفون بها.

قوله: (ولا تحلفوا إلا بالله) هذه الجملة مؤكدة لما قبلها، وفيها معنى التعميم بعد التخصيص.

° الوجه الثالث: في الحديث دليل على النهي عن الحلف بالآباء، ولا مفهوم له؛ لأن قوله: (فمن كان حالفًا فليحلف بالله) دليل على النهي عن الحلف بغير الله مطلقًا، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (ولا تحلفوا إلا بالله).

° الوجه الرابع: الحديث دليل على عناية الإسلام بحماية جانب التوحيد وسَدِّ كل طريق يوصل إلى الشرك، فجاء النهي عن الحلف بغير الله تعالى؛ لأن الحلف بالشيء تعظيم له، والعظمة إنما هي لله وحده لا شريك له فيها، فإنها إزاره، والكبرياء رداؤه، فلا يُضَاهى بها غيره، ومن حلف بغير الله فقد أشرك الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في العظمة.

° الوجه الخامس: نقل ابن عبد البر الإجماع على أن الحلف بغير الله لا يجوز، وقد حكى الإجماع مع ثبوت الخلاف، وكأنه لم يعتبر المخالف؛ لأنه قول شاذ.

وقد ذهبت الحنفية والظاهرية والحنابلة إلى تحريم الحلف بغير الله تعالى لثبوت النهي (١)، وهو للتحريم عند الإطلاق، قال ابن تيمية: (والصحيح أنه نهي تحريم) (٢)، وقد ورد حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بغير الله فقد كفر"، وفي رواية: "أشرك"، وفي رواية: "فقد كفر أو أشرك" (٣)، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحلف بغير الله شركًا، فتكون رتبته فوق رتبة الكبائر.


(١) انظر: "المحلى" (٨/ ٣٢)، "شرح فتح القدير" (٥/ ٦٩)، "المغني" (١٣/ ٤٣٦).
(٢) "الفتاوى" (١/ ٣٣٥).
(٣) رواه أبو داود (٣٢٥١)، والترمذي (١٥٣٥)، وأحمد (٨/ ٥٠٣) وهذا لفظ الترمذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>