للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحلف بغير الله تعالى قد يكون شركًا أكبر إذا اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم، وقد يكون شركًا أصغر إذا تجرد عن ذلك وجرى على اللسان بلا قصد، وعليه فالحلف بغير الله شرك، ويغلظ الحكم حسب القصد.

وذهب جمهور الشافعية، وهو المشهور عند المالكية إلى أن الحلف بغير الله مكروه (١)، واستدلوا بدليلين:

الأول: ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - في قصة الأعرابي الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شرائع الإسلام، ثم قال: والله لا أزيد ولا أنقص، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح وأبيه إن صدق" (٢).

الثاني: أن الله تعالى قد أقسم في كتابه بالمخلوقات من الليل والنهار والشمس والقمر وغيرها.

وأجاب القائلون بالتحريم عن هذين الدليلين بما يلي:

أما حديث طلحة بن عبيد الله فقد أجيب عنه بأجوبة كثيرة، أشهرها ثلاثة:

الأول: أن لفظة: (وأبيه) غير محفوظة، وذلك أن الإمام مسلمًا روى هذا الحديث من طريق مالك عن أبي سهيل عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: وذكر الحديث بلفظ: "أفلح إن صدق"، ثم أخرجه من طريق إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل به، بلفظ: "أفلح وأبيه إن صدق"، وقد جعل الإمام مسلم الرواية الأولى هي الأصل، وذكر الثانية تحت القِسْمِ الذي


= من طريق سعد بن عبيدة، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، والحديث رجاله ثقات، لكنه أعل بأن سعد بن عبيدة لم يسمع من ابن عمر هذا الحديث، كما جاء مبينًا في رواية عند أحمد (٩/ ٢٧٥)، وأشار إلى هذا الطحاوي في "مشرح مشكل الآثار" (٢/ ٢٩٩ - ٣٠٠) ونَصَّ على هذا البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٩)، وانظر معنى الحديث عند: الطحاوي في المصدر المذكور.
(١) "المدونة الكبرى" (٢/ ٣٢)، "نهاية المحتاج" (٨/ ١٧٤).
(٢) رواه مسلم (١١) (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>