قال عن رواته: إنهم ليسوا من الموصوفين بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم.
ورواية:"أفلح إن صدق، أرجح لأمور:
١ - أن الإمام مالكًا رأس المتقنين وكبير المتثبتين، ثم هو قد روى الحديث عن عمه أبي سهيل -نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي- وهذا فيه مزيد ضبط ليس في رواية إسماعيل بن جعفر.
٢ - أن إسماعيل بن جعفر مضطرب في روايته، فمرة يقول: "أفلح أن صدق"، ومرة: "أفلح وأبيه إن صدق"، ومرة: "دخل الجنة إن صدق".
٣ - أن الحديث رواه عن مالك عشرة أنفس لم يذكر واحد منهم لفظة:(وأبيه).
٤ - أن البخاري روى الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر بمثل لفظ مالك.
٥ - أن رواية مالك لها شواهد عن أنس وابن عباس وعمر - رضي الله عنهم - (١).
الجواب الثاني: أن الحديث منسوخ وأن هذا كان جائزًا في أول الأمر، ثم استقر النهي عن ذلك بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، ويستفاد من السياق أن حديث النهي متأخر؛ لأمور ثلاثة:
الأول: ما ثبت في "صحيح مسلم" (وكانت قريش تحلف بآبائها) فهذا مشعر بأن الحلف بالآباء كان معروفًا عندهم، فدل على أن قوله:(وأبيه) من هذا الباب.
الثاني: قوله: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم) فهذا يشعر بحكم متجدد.
الثالث: قول عمر - رضي الله عنه -: (فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها).
(١) انظر: "المرويات الواردة في الحلف بالله أو بغيره" ص (٥٤).