للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه -أيضًا- في قصة الهجرة أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا الرجل يهديني السبيل (١)، فظن المخاطب أنه يعني الطريق، وإنما أراد سبيل الخير.

الثالثة: ألا يكون الحالف ظالمًا ولا مظلومًا، فالأكثرون على جواز التورية في اليمين في هذه الحال، لحديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" (٢).

كما استدلوا بأدلة أخرى كلها في غير اليمين.

والقول الثاني: أنه لا يجوز التورية في اليمين في هذه الحال، وهذا رواية عن أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، واستدلوا بحديث الباب.

أما التورية في غير اليمين فله أن يتأول وينفعه التأويل، لئلا يقع في الكذب، وقد فعله السلف، قال ابن سيرين: (الكلام أوسع من أن يكذب ظريف) (٤)، والمعنى أن الظريف وهو الكَيِّسُ الفَطِنُ لا يحتاج للكذب لكثرة المعاريض، كان يطرق الباب طارق فيقول أهله: ليس فلان ها هنا، يريدون مكانًا بعينه؛ لأن ذلك لا يبطل حقًّا ولا يحق باطلًا، أو يقال: أين فلان؟ فيقال: اطلبه في المسجد. والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح البخاري" (٣٩١١).
(٢) رواه ابن عدي في "الكامل" (٣/ ٩٦)، والبيهقي (١٠/ ١٩٩) وفي إسناده داود بن الزبرقان وهو متروك، وقد كذبه الأزدي كما في "التقريب"، وروي موقوفًا.
(٣) "الفتاوى الكبرى" (٤/ ٦٢٢)، "الفروع" (٦/ ٣٥٣)، "الإنصاف" (٩/ ١٢٠).
(٤) "المغني" (١٣/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>