للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تتعلق بما أراده الناس بالألفاظ (١).

وأما القسم بصفات الله تعالى فالجمهور على جواز الإقسام بصفات الله تعالى، سواء أكانت صفة ذاتية -وهي التي لم يزل ولا يزال متصفًا بها، كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعزة، ومنها الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعينين- أم كانت صفة فعلية، وهي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.

ومن الأدلة على ذلك حديث الباب، ويرى الشيخ محمد بن عثيمين أنه لا يقسم بالصفات الخبرية كاليد والأصبع، إلا الوجه فيقسم به؛ لأنه يعبر به عن الذات (٢).

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على أن الله تعالى هو الذي يتولى قلوب العباد فيصرفها كيف شاء، وهذا من كمال قدرته وتمام ملكه وتدبيره، وبهذا يُعلم مدى حاجة العبد إلى ربه، وأنه لا غنى له عنه طرفة عين، إذ لا بد له من هدايته إلى الصراط المستقيم وتوفيقه لما ينفعه في معاشه ومعاده، وإلا ضل وخسر، وهذا لا ينافي أن العباد مكلفون بأعمال يترتب عليها الجزاء يوم المعاد. فينبغي للعبد أن يسأل ربه دائمًا أن يثبته وأن يُصَرِّفَ قلبه على طاعته، قال القرطبي: (إن أحوال القلوب منتقلة غير ثابتة ولا دائمة، فحق العاقل أن يحذر على قَلْبِهِ من قَلْبِهِ، ويفزع إلى ربه في حفظه) (٣).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم مُصَرِّفَ القلوب صَرِّفْ قلوبنا على طاعتك" (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "الفروع" (٦/ ٣٣٨).
(٢) "الشرح الممتع" (١٥/ ١١٩)، "أحكام اليمين بالله عزَّ وجلَّ" ص (٥٩).
(٣) "المفهم" (٦/ ٦٧٣).
(٤) رواه مسلم (٢٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>