للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بالجمع بينهما هو مذهب الحنابلة، وبه قال ابن حزم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم (١).

والظاهر -والله أعلم- أن لغو اليمين كما فسرته عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنها شاهدت التنزيل، وهي عارفة بلغة العرب، فتفسيرها مقدم على تفسير غيرها، ويدل لذلك قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيمَانَ} [المائدة: ٨٩] أي: بما صمَّمتم عليه من الأيمان وقصدتموها (٢).

فهذا يدل على أن اللغو هي اليمين من غير قصد.

وأما الصورة الثانية ففيها نظر، والصحيح أنها ليست بلغو؛ لأن الحالف قد قصد اليمين، لكن لا حنث فيها ولا كفارة؛ لأن الحالف بارٌّ بيمينه؛ لأنه حلف على شيء يعتقد صدقه فيه، ويمكن أن تسمى: يمين لغو باعتبار عدم الكفارة (٣).

وقد دل القرآن -كما تقدم- على أن لغو اليمين لا مؤاخذة فيه ولا كفارة، وهذا من رحمة الله تعالى بالعباد ولطفه بهم حيث لم يؤاخذهم إلا بما انعقدت عليه قلوبهم، ولا خلاف بين أهل العلم في أن لغو اليمين لا كفارة فيها (٤)، وإنما الخلاف في المراد من لغو اليمين، وفي تفسيرها أقوال أخرى لبعض السلف (٥). والله تعالى أعلم.


(١) "التمهيد" (٢١/ ٢٤٨)، "المحلى" (٨/ ٣٤)، "الفتاوى" (٣٣/ ٢١٢)، "زاد المعاد" (٥/ ٢٠٧)، "فتح الباري" (١١/ ٥٤٧).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٣/ ١٦٣).
(٣) "الشرح الممتع" (١٥/ ١٣٣ - ١٣٤).
(٤) "التمهيد" (٢١/ ٢٤٧).
(٥) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٨/ ٤٧٥)، "تفسير ابن كثير" (٣/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>