للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما في رواية عند النسائي (١)، وقيل: صومًا، وقيل: صدقة، وقيل: كان نذرًا مطلقًا، واستدل كل قائل بأحاديث جاءت في قصة أم سعد (٢)، قال القرطبي: (الكل محتمل، ولا مُعَيِّنَ، فهو مجمل) (٣).

قوله: (على أمه) هي عمرة بنت مسعود من بني النجار -رضي الله عنها-، كانت من المبايعات، توفيت سنة خمس ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة دومة الجندل، كما تقدم، فلما قدم صلى على قبرها (٤).

قوله: (اقضه عنها) أي: لتبرأ ذمتها من تبعة هذا النذر، وهذا الأمر للوجوب عند الظاهرية، كما سيأتي، وعند الجمهور للندب؛ لأنه أمر بالقضاء على جهة الفتوى فيما سئل عنه، ففيه بيان أنه إن فعل ذلك عنها صح (٥).

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من مات وعليه نذر طاعة فمانه يشرع لوارثه قضاؤه عنه؛ لأنه إحسان إليه وبر وصلة ولا سيما إذا كان الميت أحد الوالدين.

* الوجه الرابع: ظاهر الحديث أنه يجب على الوارث أن يقضي النذر عن الميت، سواء أكان بدنيًّا أم ماليًّا، وهذا قول الظاهرية (٦)، لقوله: (فاقضه عنها) والأمر للوجوب، ورجح هذا الصنعاني (٧).

والقول الثاني: أنه لا يلزم الوارث قضاء نذر الميت إلا أن يوصي (٨)، أو يكون ماليًّا ويخلف تركة، وهذا قول الجمهور، قالوا: والأمر للاستحباب؛ لأنه لو قيل: إن الأمر للوجوب للزم منه أن يأثم الولي بعدم القضاء، وهذا مخالف لعموم قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وهذا هو الأظهر، ويؤيد هذا أمران:


(١) "السنن" (٦/ ٢٥٣).
(٢) "إكمال المعلم" (٤/ ٣٥٩).
(٣) انظر: "التمهيد" (٩/ ٢٦)، "المفهم" (٤/ ٦٥٥).
(٤) "الاستيعاب" (١٣/ ٩٨)، "الإصابة" (١٣/ ٥٣).
(٥) "المفهم" (٤/ ٦٠٥).
(٦) "المحلى" (٢٧/ ٨)، "التهميد" (٩/ ٢٦).
(٧) "سبل السلام" (٤/ ٢٢٩).
(٨) "التمهيد" (٩/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>