للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شبه قضاء نذر الميت بقضاء الدين، وقضاء الدين عن الميت لا يجب على الوارث ما لم يخلف تركة يقضى منها، ولهذا يصح قضاء نذر الميت من الوارث وغيره، كما لو قضى عنه دينه؛ ولأن ما يقضيه الوارث إنما هو من باب التبرع، وغيره مثله في التبرع.

٢ - أن السائل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإجزاء، كما هو ظاهر اللفظ، وقد جاء في رواية عند النسائي: (أفيجزئ أن أعتق عنها)، فيكون الأمر في الحديث لبيان الإجزاء لا للإيجاب، كقول السائل: أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: "صلوا في مرابض الغنم". فإن كان السؤال عن الوجوب، نحو: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "توضأوا من لحوم الإبل" فهو للوجوب (١).

وخلاصة ذلك: أنه إن كان النذر ماليًّا وخلف الميت تركة فلا خلاف في وجوب قضاء نذره، وإن كان ماليًّا ولم يخلف تركة، أو غير مالي لم يجب القضاء عند الجمهور خلافًا للظاهرية.

وقد نقل القرطبي الإجماع على أن حقوق الأموال من العتق والصدقة تصح النيابة فيها وتصح توفيتها عن الميت والحي، وإنما الخلاف في الأعمال البدنية، كما تقدم (٢).

* الوجه الخامس: الحديث دليل على أن الميت يلحقه ما يفعل له من الأعمال الصالحة من عتق أو صدقة أو حج أو دعاء وغير ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لسعد - رضي الله عنه - أن يقضى نذر أمه، ولو كان ذلك لا ينفعها لما كان في الأمر بقضائه فائدة.

* الوجه السادس: مشروعية بر الوالدين بعد وفاتهما، وأن من أعظم البر وفاءَ ما عليهما من الديون والحقوق والواجبات، سواء أكانت لله تعالى أم للآدميين.


(١) "المغني" (١٣/ ٦٥٦)، والحديث رواه مسلم (٣٦٠) وقد تقدم شرحه في "الطهارة" برقم (٧٥).
(٢) "المفهم" (٤/ ٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>