١ - اجتهاد في معرفة الحكم الشرعي وتطبيقه على هذه القضية، وهو بهذا الاعتبار: بذل الجهد لإدراك الحكم الشرعي بطريق الاستنباط.
٢ - اجتهاد في تنفيذ ذلك الحق على القريب والصديق وضدهما بحيث يكون الناس في هذا الباب عنده سواء، لا يفضل أحدًا على أحد، ولا يُميله الهوى، ولا تستهويه الأغراض.
قوله:(ثم أصاب) أي: وافق حكم الله تعالى في هذه المسألة.
قوله:(فله أجران) أي: أجر على اجتهاده، وأجر على إصابته الحق؛ لأن في إصابته الحق إظهارًا له وعملًا به.
قوله:(فله أجر) أي: أجر واحد على اجتهاده في طلب الصواب، والخطأ مغفور له.
° الوجه الثالث: في الحديث بشارة عظيمة للقضاة، فإن القاضي إذا اجتهد وبذل ما يستطيع في الوصول إلى الحكم الشرعي حتى وصل باجتهاده إلى ما يظن أنه الحق في القضية ثم حكم به فإن له أجرين إن كان حكمه صوابًا موافقًا لمراد الله تعالى، وإن كان خطأ فله أجر واحد وهو أجر الاجتهاد، ولا يأثم بخطئه؛ لأنه غير مقصود.
° الوجه الرابع: الحديث دليل على أن القاضي الذي يؤجر إذا أخطأ هو من كان عالمًا مجتهدًا، أما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد فلا أجر له بل هو آثم، وقد تقدم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "القضاة ثلاثة … فذكر منهم: ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار". قال الخطابي:(إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن اجتهاده عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعًا لآلة الاجتهاد عارفًا بالأصول وبوجوه القياس.
فأما من لم يكن محلًّا للاجتهاد فهو متكلف، ولا يعذر بالخطأ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر، بدليل حديث ابن بريدة عن أبيه) (١).