للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (لا تقضِ للأول) أي: من الخصمين وهو المدعي.

قوله: (حتى تسمع كلام الآخر) أي: المدعى عليه.

قوله: (فسوف تدري كيف تقضي) رواية أبي داود: "فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء"، وعند ابن حبان -كما تقدم-: "فإنه أجدر أن تعلم لمن الحق"؛ والمعنى: أنك إذا سمعت كلام الخصمين اتضحت لك القضية وعرفت كيف تطبق الحكم عليها.

قوله: (قال علي … ) الظاهر أن القائل ذلك هو حنش بن المعتمر الكناني الكوفي صاحب علي - رضي الله عنه -.

قوله: (فما زلت قاضيًا بعد) ظرف مبني على الضم؛ أي: بعد تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وفي رواية أحمد: "فما زلت بعد ذلك قاضيًا".

° الوجه الثالث: الحديث دليل على نهي القاضي عن الحكم للمدعي حتى يسمع كلام المدعى عليه، حتى ولو كان كلام الأول مقنعًا وحجته واضحة؛ لأن من العدل في القضاء سماع حجة كل واحد من الخصمين والاستفصال عما لديه، كما أن ذلك أدعى إلى وضوح القضية ومعرفة حكمها.

وهذا التوجيه النبوي للقاضي هو من جملة الأحاديث الدالة على عناية الإسلام بالقضاء، وبيان طريق الحكم وصفته.

وهذا النهي يقتضي الفساد، فإذا حكم قبل سماع الإجابة من المدعى عليه كان حكمه باطلًا، ولا يلزم قبوله، بل يتوجه عليه نقضه وإعادته على وجه الصحة أو يعيده حاكم آخر.

ومحل النهي هو ما إذا كان المدعى عليه حاضرًا، ولم يسمع منه القاضي، فإن سكت المدعى عليه بعد طلب الجواب منه وأصر على عدم الجواب اعتبر ناكلًا وقضي عليه بالنكول.

والقول الثاني: أنه لا يقضى عليه بالنكول، والنكول: الامتناع عن اليمين. ولكن ترد اليمين على المدعي، فإن حلف قضى له وإلا صرفهما؛ لأنه لما نكل المدعى عليه قوي جانب المدعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>