للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستثنى بعض العلماء ما إذا كان المهدي قريبًا للقاضي وكان من ذي الرحم المحرم، فإن للقاضي أن يقبل هديته ولو لم يكن يهدي إليه قبل القضاء، لعدم التهمة (١).

وإن كان مما يهاديه قبل القضاء لم تحرم استدامتها؛ لأنها لم تكن من أجل الولاية، لوجود سببها قبل الولاية، قال بعض العلماء: إلا إذا كانت هديته بعد القضاء أكثر، فإنه يرد الزيادة؛ لأنه إنما زاد لأجل القضاء ليميل إليه إن وقعت خصومة، والأحوط عدم قبولها مطلقًا، قال القاضي أبو يعلى: (يستحب له التنزه عنها) (٢).

قال علاء الدين الطرابلسي المتوفى سنة (١٠٣٢ هـ): (والأصوب في زماننا عدم القبول مطلقًا؛ لأن الهدية تورث إذلال المهدي وإغضاء المهدي إليه، وفي ذلك ضرر القاضي، ودخول الفساد عليه) (٣).

وذلك لأن للإحسان تأثيرًا في طبع الإنسان، والقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها.

القسم الثالث مما يأخذه القضاة: الأجرة: وهي ما يأخذه القاضي من الخصوم، فإن كان له رَزْقٌ من بيت المال حرمت الأجرة بالاتفاق؛ لأنه إنما أجري له الرزق لأجل الاشتغال بالحكم، فلا وجه للأجرة.

وإن لم يكن له رزق من بيت المال جاز له أخذ الأجرة.

الرابع- الرزق: وهو بالكسر، المال الذي يصرف للقاضي من بيت المال كل شهر (٤)، وهو ما يعرف الآن بالراتب، وهذا أمر قد قررته الشريعة الإسلامية، ونص عليه جميع الفقهاء، وقد ورد في السنة ما يدل على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول من سَنَّ رزق القضاة، لكنه لم يكن بشكل منظمٍ شهريًّا، وإنما حسب الأحوال، وقد نقل ابن الجوزي في "تاريخ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "عن


(١) "نظام القضاء في الإسلام" ص (١١٦).
(٢) "المغني" (١٤/ ٥٩).
(٣) "معين الحكام" ص (٢٠٨).
(٤) "فتح الباري" (١٣/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>