للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني: أنها حرام على الحاكم دون المعطي؛ لأنها لاستيفاء حقه، فهي كَجُعْلِ الآبق وأجرة الوكالة في الخصومة، وهذا قول الجمهور، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر) (١).

وإن رشاه ليحكم له بغير حقه فقد أكل السحت، وغير شرع الله تعالى، فيكون أقبح مما قبله؛ لأنه مدفوع في مقابلة أمر محظور.

° الوجه الخامس: ذكر العلماء أن ما يأخذه القضاة من الأموال أربعة أقسام (٢):

الأول: الرشوة، وقد مضى حكمها.

الثاني: الهدية: والفرق بينها وبين الرشوة أنهما يشتبهان في الصورة، ويفترقان في القصد، فإن الراشي قصد بالرشوة التوصل إلى ما لا يحل، كما تقدم، وأما المهدي فقصده ايستجلاب المودة، فإن قصد المكافأة فهو معاوض، وإن قصد الربح فهو مستكثر (٣).

وأما حكم الهدية للقاضي ففيها تفصيل:

فإن كان للمهدي خصومة لم يجز للقاضي أن يقبلها منه مطلقًا، سواء أكان يهاديه قبل القضاء أم لا؛ لأن الهدية يقصد بها استمالة قلب القاضي، ليعتني به في الحكم، فتشبه الرشوة، وتأخذ حكمها إن أهدى إليه ليحكم له بغير حقه (٤).

وإن لم يكن له خصومة فإن كان لا يهاديه قبل ولايته القضاء فإنه لا يقبلها، لأن قبولها ممن لم تجر عادته بمهاداته ذريعة إلى قضاء حاجته والعناية به، فيقوم عنده شهوة لقضاء حاجته (٥).


(١) "الفتاوى" (٣١/ ٢٨٧).
(٢) "بدائع الفوائد" (٣/ ١٠٧٩).
(٣) "الروح" لابن القيم ص (٣٢٤).
(٤) "الفتاوى" (٣١/ ٢٨٦)، "سبل السلام" (٤/ ٢٥٠).
(٥) "نيل الأوطار" (١٥/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>