للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالزمن على أقوال أشهرها: أن القرن مائة سنة، وهو الذي رجحه صاحب "القاموس" (١)، واستقر عليه الأمر.

وقد ذكر الحافظ أن آخر قرن الصحابة سنة مائة وعشرة إلى مائة وعشرين من البعثة، وآخر قرن التابعين سنة مائة وثمانين من الهجرة، وآخر قرن تابع التابعين سنة مائتين وعشرين، وهذا يدل على أن القرن لا يحدد بمائة؛ لأن قرن التابعين حوالي سبعين أو ثمانين، وتابع التابعين حوالي خمسين، فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار كل زمن (٢).

وإنما كان خير الناس قرن النبي - صلى الله عليه وسلم - لفضلهم في العلم والإيمان والأعمال الصالحة، لغلبة الخير فيه وكثرة أهله، وقلة الشر وأهله، واعتزاز الإسلام وكثرة العلم والعلماء، واشتداد الإنكار على من ابتدع كالخوارج والقدرية ونحوهم.

قوله: (ثم الذين يلونهم) هم أهل القرن الثاني، وهم التابعون، لظهور الإسلام فيهم وقربهم من نور النبوة، وما ظهر فيه من البدع استعظم وأنكر وأزيل، أو خَفَّ أثره.

قوله: (ثم الذين يلونهم) هم أهل القرن الثالث، وهم تابعو التابعين، وهذا القرن دون الأوليين لكثرة ظهور الباع، لكن العلماء فيه متوافرون، وقد تصدى كثير منهم لإنكارها، والإسلام إذ ذاك ظاهر، والجهاد قائم.

قوله: (ثم يكون قوم) فاعل (يكون) لأنها تامة؛ أي: يجيء قوم، والتعبير بـ (قوم) يدل على أنه ليس كل أصحاب القرن على هذه الأوصاف؛ لأنه لم يقل: ثم يكون الناس.

قوله: (يشهدون ولا يستشهدون) أي: يشهدون قبل أن تطلب منهم الشهادة، لتسرعهم في أدائها وعدم اهتمامهم بها، وهذا بظاهره يعارض حديث زيد بن خالد المتقدم؛ لأن هذا في سياق الذم، وذاك في سياق المدح.


(١) "ترتيب القاموس" (٣/ ٦٠٦).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٧/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>