للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل معناه: يشهدون وهم ليسوا أهلًا لتحمل الشهادة؛ لفسقهم أو لاستخفافهم بأمرها، ويؤيد هذا (ويخونون ولا يؤتمنون) كما يؤيده رواية ابن ماجه: "ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل وما يُستشهد، ويحلف وما يُستحلف" (١)، وعلى هذا فيكون الحديث وصفًا لهم بشهادة الزور.

قوله: (ويخونون ولا يؤتمنون) الخيانة: مصدر خان بمعنى نقض العهد، وبمعنى الخيانة في الأمانة؛ والمعنى: يخونون من ائتمنهم على مال أو عرض أو غيرهما ولا يؤتمنون لخيانتهم الظاهرة، ولم يقل: يؤتمنون ويخونون؛ لبيان أن الخيانة وصف ثابت لهم، فهم لخيانتهم لا يؤتمنون.

قوله: (وينذرون ولا يوفون) بكسر الذال من باب ضرب، وفي لغة بضمها من باب قتل؛ أي: يلزمون أنفسهم ما ليس بواجب عليهم ولا يوفون به.

قوله: (ويظهر فيهم السِّمَنُ) بكسر السين وفتح الميم هو كثرة الشحم واللحم، وذلك لإفراطهم وتوسعم في المآكل والمشارب ورغبتهم في الدنيا ونيل شهواتها وغفلتهم عن الدار الآخرة.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل القرون الثلاثة الأُول من هذه الأمة، وأن الصحابة - رضي الله عنه - أفضل ممن جاء بعدهم من التابعين وأتباع التابعين، لظهور الإسلام والعلم والإيمان والعمل الصالح، وقربهم من نور النبوة وسبقهم إلى الجهاد ومحاربة البدع والمبتدعة.

وقد جاء هذا المعنى في عدة أحاديث، ومنها حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في "الصحيحين" (٢)، وحديث عائشة - رضي الله عنهما - (٣)، وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - (٤)، وحديث النعمان بن بشير في "المسند" وغيره (٥).


(١) "سنن ابن ماجه" (٢٣٦٣).
(٢) "صحيح البخاري" (٣٦٥١)، "صحيح مسلم" (٢٥٣٣).
(٣) "صحيح مسلم" (٢٥٣٦).
(٤) "صحيح مسلم" (٢٥٣٢).
(٥) "المسند" (٣٠/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>