للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الأفضلية من حيث الجملة لا من حيث الأفراد، فقد يوجد في تابع التابعين من هو أفضل من التابعين، وقد يوجد في التابعين من هو أفضل من بعض الصحابة، أما فضل الصحبة فلا يناله أحد غير الصحابة؛ لأنه وصف خاص بهم لا يتعداهم إلى غيرهم، وكذا الأوصاف التي لا توجد في غيرهم، أو لها أثر فيمن بعدهم، كالذَبِّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والهجرة إليه ونصرته، وضبط الشرع المتلقى عنه، وتبليغه من بعدهم، والإنفاق في سبيل الله، كما قال تعالى: {لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد: ١٠]، قال الشوكاني: (مزية الصحابة فاضلة مطلقًا باعتبار مجموع القرن، فإذا اعتبرت كل قرن قرن فالصحابة خير القرون، ولا ينافي هذا تفضيل الواحد من أهل القرن أو الجماعة على الواحد أو الجماعة من أهل قرن آخر) (١).

ومسألة المفاضلة من المسائل التي لا يترتب عليها كبير فائدة، فلا ينبغي إعطاؤها أكثر مما تستحق، وهي من الأمور الظاهرة، والغيب علمه عند الله تعالى.

وقد شك الراوي في أفضلية القرن الرابع فقال: (لا أدري أقال بعد قرنه مرتين أو ثلاثة) فيكون المعول على اليقين وهو أن القرون المفضلة ثلاثة، وقد ورد في حديث النعمان عند أحمد إثبات القرن الرابع (٢)، لكنه من طريق عاصم بن بهدلة، وفي حفظه شيء، فلا يُحتج بما تفرد به عن الثقات (٣).

ولا شك أن القرن الرابع فيه خيرية؛ لقربه من القرون المفضلة، لكن لم يثبت التنصيص على ذلك.

• الوجه الرابع: في الحديث دليل على ذم من يأتي لأداء الشهادة قبل أن تطلب منه؛ لأن هذا يدل على تسرعه في الشهادة وعدم الاهتمام بها،


(١) "نيل الأوطار" (١٥/ ٥٥٣).
(٢) "المسند" (٣٠/ ٢٩٢).
(٣) انظر: "الصحيحة" (٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>