للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان من دين أبغض إليَّ من دينك؛ فأصبح دينك أحبَّ الدين إليَّ، والله ما كان من بلد أبغضُ إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحبَّ البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا والله، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم (١).

وقد ذكر ابن إسحاق أن ثمامة ثبت على إسلامه لما ارتد أهل اليمن، وارتحل هو ومن أطاعه من قومه، فلحقوا بالعلاء بن الحضرمي، فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين، فلما ظفروا اشترى ثمامة حلة لكبيرهم، فرآها عليه ناس من بني قيس بن ثعلبة فظنوه أنه هو الذي قتل كبيرهم وسلبه، فقتلوه رضي الله عنه، وذلك في سنة ثنتي عشرة من الهجرة (٢).

الوجه الثالث: الحديث دليل على وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم؛ لقوله في رواية عبد الرزاق: (فأمره أن يغتسل فاغتسل) وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، أما في رواية الصحيحين فثبوت الغسل عن طريق الإقرار، وظاهر ذلك أنه سواء وجد من الكافر في كفره ما يوجب الغسل من حيض أو جنابة أم لا، وهذا قول في مذهب المالكية (٣)، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٤)، واختاره ابن المنذر، والخطابي، ورجحه الشوكاني (٥)، وعللوا أيضاً بأن الكافر لا يسلم غالباً من جنابة، فأقيمت المظنة مقام الحقيقة، كالنوم.

والقول الثاني: أنه لا يجب عليه الغسل، إلا أن يكون وجد منه في حال كفره ما يوجب الغسل، فإن لم يوجد ذلك فالمستحب له أن يغتسل، وهذا


(١) أخرجه البخاري (٤٣٧٢)، ومسلم (١٧٦٤).
(٢) "الإصابة" (٢/ ٢٧).
(٣) "المدونة الكبرى" (١/ ٣٦)، "تفسير القرطبي" (٨/ ١٠٢).
(٤) "الإنصاف" (١/ ٢٣٦).
(٥) "الأوسط" (٢/ ١١٥)، "نيل الأوطار" (١/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>