للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث سكت عنه الحافظ هنا، وقال في "التلخيص": (سنده قوي) (١)، وقال البيهقي: (لا يصح في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء يعتمد عليه) (٢)، وكلام البيهقي هذا لا يعني إهمال ما جاء في هذا الحديث؛ لأنها معانٍ جاء الشرع باعتبارها، كما في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]، وقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢].

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقد رواه أبو داود في "الأقضية"، باب (شهادة البدوي على أهل الأمصار) (٣٦٠٢)، وابن ماجه (٢٣٦٧)، والحاكم (٤/ ٩٩) من طريق ابن الهاد، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: … وذكر الحديث.

وهذا سند رجاله ثقات، قال المنذري: (رجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه") (٣)، وقال ابن عبد الهادي: (إسناده جيد) (٤)، وقد سكت الحاكم عن هذا الحديث، وقال الذهبي: (لم يصححه المؤلف، وهو حديث منكر مع نظافة سنده)، وقال البيهقي: (هذا الحديث مما تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، فإن كان حَفِظَهُ فقد قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيهم من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشريعة … إلخ كلامه) (٥)، وسأذكره إن شاء الله.

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (لا تجوز شهادة خائن) أي: لا تقبل، والمراد بالخائن: من يخون فيما ائتمن عليه، سواء ما ائتمنه الله عليه من أحكام الدين، أو ما ائتمنه الناس من الأموال والودائع والأمانات، فإن من ضيع شيئًا من أوامر الله أو ارتكب شيئًا مما نهاه الله عنه لم يكن عدلًا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧)} [الأنفال: ٢٧].


(١) (٤/ ٢١٨).
(٢) "السنن الكبرى" (١٠/ ١٥٥).
(٣) "مختصر السنن" (٥/ ٢١٩).
(٤) "تنقيح التحقيق" (٥/ ٨٣).
(٥) "معرفة السنن والآثار" (١٤/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>