للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهادة بدوي على صاحب القرية وهو الحضري، وهو قول مالك في عقود المعاوضات، كالبيع والشراء، وقال الإمام أحمد: أخشى ألا تقبل شهادة البدوي على صاحب القرية، قال الموفق: (فيحتمل هذا ألا تقبل شهادته، وهو قول جماعة من أصحابنا) (١). وقال ابن مفلح: (وهو المنصوص) (٢).

قالوا: ولأن البدوي يغلب عليه الجفاء في الدين، وقلة معرفة الأحكام الشرعية، وعدم ضبطه ومعرفته لما يلقى عليه ويسمعه. قالوا: ولأن شهادة البدوي لا تخلو من تهمة، قال مالك: (الذي يُشهد بدويًّا ويدع جيرته من أهل الحضر هو عندي مريب) (٣).

والقول الثاني: أن شهادة البدوي على القروي صحيحة ومقبولة مطلقًا، سواء أكانت في العقود المالية أو غيرها، إذا كان عدلًا يقيم الشهادة.

وهذا قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة في المشهور (٤)، واستدلوا بحديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال … الحديث (٥). فقد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - شهادة الأعرابي في إثبات دخول رمضان، وهو نص في الصوم، فيقاس عليه غيره من الأحكام.

كما استدلوا بالعمومات الواردة في قبول شهادة كل من يصلح للشهادة بدون تفريق بين بدوي أو حضري، فيكون البدوي داخلًا تحت العمومات في هذا الباب.

وهذا القول هو الراجح، وحديث الباب محمول على من لم تعرف عدالته من أهل البادية؛ لأن الغالب أن البدوي لا يستقر بمكان، فيصعب إحضاره لأداء الشهادة، كما يصعب استحضار من يسأله الحاكم عن عدالته (٦).


(١) "المغني" (١٤/ ١٤٩).
(٢) "الفروع" (٦/ ٥٨٥).
(٣) "معالم السنن" (٥/ ٢١٩).
(٤) "البحر الرائق" (٧/ ٩٢)، "تكملة الفروع" (٢٠/ ٩٠)، "المغني" (١٤/ ١٤٩).
(٥) تقدم في "الصيام" برقم (٦٥٥).
(٦) "المغني" (١٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>