للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من القرابة ونحوهم بمتانة الدين البالغة إلى حد لا يؤثر معها محبة القرابة، فقد زالت حينئذٍ مظنة التهمة، ومن لم يكن كذلك فالواجب عدم القبول لشهادته؛ لأنه مظنة التهمة) (١). واختاره -أيضًا- الشيخ عبد الرحمن السعدي (٢).

• الوجه السابع: الحديث دليل على وجوب التحري في باب الشهادات ومعرفة من تقبل شهادته ومن ترد؛ لأن الله تعالى أمر بإشهاد العدل، فقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ} [الطلاق: ٢] وقال تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] قال ابن رشد: (اتفق المسلمون على اشتراط العدالة في قبول شهادة الشاهد) (٣).

والعدالة: استقامة الدين؛ لأن من لا صلاح له في الدين لا يؤمن أن يشهد على غيره بالزور.

واستقامة الدين: هي أداء الفرائض واجتناب المحارم، وذلك بألا يرتكب كبيرة ولا يلازم صغيرة، فالصلاح في الدين هو الشرط الأول للعدالة.

والشرط الثاني: المروءة (٤)، ومعناها: أن يفعل ما يحمده الناس عليه من الآداب والأخلاق من السخاء وبذل الجاه، وحسن المعاملة، وحسن الجوار ونحو ذلك، ويترك ما يذمه الناس عليه، كالغناء، أو الأكل في السوق، أو المشي مكشوف الرأس، أو النوم بين الجالسين، ونحو ذلك مما ذكر الفقهاء، وفي بعضها يُرجع إلى العرف.

والقول الثاني: أن العدالة مأخوذة من قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} فكل مَرْضِيِّ عند الناس يطمئنون لقوله وشهادته فهو مقبول، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (هذا أحسن الحدود، ولا يسع الناس العمل بغيره) (٦).

• الوجه الثامن: استدل بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من قال: لا تجوز


(١) "نيل الأوطار" (١٥/ ٥٠٠).
(٢) "المختارات الجلية" ص (١٢٧).
(٣) "بداية المجتهد" (٢/ ٥٩٨).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٥) "الاختيارات" ص (٣٦٥).
(٦) "بهجة قلوب الأبرار" ص (١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>