للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهد له قبلت شهادته لعدم المحذور، وهو خشية الإضرار بالمشهود له، وقد دل على هذا قوله: (على أخيه) فإن مفهوم أنه إن شهد لأخيه قبلت.

وهذا إذا كانت العداوة من أجل أمر دنيوي، أما إذا كانت من أجل أمر من أمور الدين فإن شهادته تقبل عليه؛ لأن العدالة المشروطة لصحة الشهادة هي العدالة في الدين، وعدالة الشاهد تمنعه من ارتكاب محظور في دينه (١).

ثم إن العداوة في الدين ليست حقدًا فلا تدخل في لفظ الحديث.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن الشاهد إذا كان فيه وصف يخشى معه أن يميل فيشهد بخلاف الحق فإن شهادته لا تقبل كالخادم لأهل البيت؛ لأنه مظنة تهمة دفع الضرر عنهم وجلب الخير لهم.

• الوجه السادس: استدل الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب بهذا الحديث على أن شهادة الوالد لولده وإن نزل، وشهادة الولد لوالده وإن علا أنها لا تقبل (٢)، وعللوا ذلك بالتهمة، لقوة القرابة بينهم التي تدعو الشاهد إلى أن يشهد بما يخالف الواقع.

والقول الثاني: تقبل شهادة الوالد لولده والعكس، وهذا قول الظاهرية (٣)، ورواية عن الإمام أحمد (٤)؛ لأنهما عدلان من رجالنا، فيدخلان في عموم الآيات والأخبار.

وقد ذكر ابن القيم أن الشهادة لا تُردُّ بسبب القرابة، لعدم الدليل، وإنما ترد بوجود التهمة، لثبوت النص، كما في حديث الباب، فالتهمة وحدها مستقلة بالمنع، سواء كان قريبًا أو أجنبيًّا، وقال: (هذا هو الصواب، وهو القول الذي ندين الله به) (٥). واختار هذا الشوكاني، فقال: (فمن كان معروفًا


(١) "المغني" (١٤/ ١٧٥).
(٢) "الكافي" لابن عبد البر (٢/ ٨٩٣)، "المهذب" (٢/ ٤٢١)، "بدائع الصنائع" (٦/ ٢٧٢)، "الشرح الكبير مع الإنصاف" (٢٩/ ٤١٣).
(٣) "المحلى" (٩/ ٤١٥).
(٤) "الكافي" (٤/ ٥٢٨).
(٥) "إعلام الموقعين" (١/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>