للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أعله البخاري بالانقطاع، فقد قال الترمذي: (سألت محمدًا -يعني البخاري- فقال: عمرو بن دينار لم يسمع عندي من ابن عباس هذا الحديث) (١).

كما أعله -أيضًا- الطحاوي فقال: (حديث ابن عباس منكر؛ لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء، فكيف يحتجون بمثل هذا؟) (٢).

أما العلة الأولى فلا ريب أنها من أعلم خلق الله تعالى بالحديث، وسماع عمرو بن دينار من ابن عباس ثابت، أثبته البخاري نفسه، وسفيان بن عيينة وأبو حاتم (٣)؛ لأنه لقي ابن عباس وأكثر من الرواية عنه، والبخاري لا يريد نفي السماع مطلقًا كما هو صريح عبارته، وإنما يعل هذا الحديث بذاته، أو أنه -كما يقول بعض العلماء- يشير بذلك إلى بعض الروايات التي فيها طاوس أو جابر بن زيد بين ابن دينار وابن عباس، فقد روى الدارقطني هذا الحديث من طريق عبد الله بن محمد بن ربيعة، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس به (٤).

ولعل هذا جاء من قِبَلِ بعض الضعفاء، فإن الذين زادوا طاوسًا كلهم ضعفاء، أما الثقات فرووه عن الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، ورواية الثقات لا تعلل برواية الضعفاء، كما يقول البيهقي (٥).

وأما العلة الثانية وهي الانقطاع بين قيس بن سعد وعمرو بن دينار ففيها نظر، فإن قيس بن سعد عاصر عمرو بن دينار وشاركه في الرواية عن عطاء، وثلاثتهم مكيون، وقد كان قيس مع عمرو بن دينار في مكة منذ ولد قيس إلى


(١) "العلل الكبير" (١/ ٥٤٦).
(٢) "شرح المعاني" (٤/ ١٤٥).
(٣) انظر: "التاريخ الكبير" (٦/ ٣٢٨)، "الجرح والتعديل" (٦/ ٢٣١)، "التابعون الثقات" ص (٨٦٧).
(٤) "سنن الدارقطني" (٤/ ٢١٤).
(٥) "مختصر الخلافيات" (٥/ ١٥٨)، "التنكيل" للمعلمي ص (٩١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>