للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صاحب الحق، وهو المدعي؛ لأنه إذا أتى بشاهد فالنصاب لم يتم، لكن ترجح جانبه بإحضار هذا الشاهد، فصارت اليمين في جانبه؛ لأنها تشرع في جانب أقوى المتداعيين، كما سيأتي إن شاء الله.

وهذا مذهب الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد (١)، وقد روي القضاء بذلك عن عدد من الصحابة - رضي الله عنهم - منهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على ما نقله ابن قدامة، وهو قول جماعة من التابعين (٢)، وروى مالك عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل له على الكوفة أن اقض باليمين مع الشاهد (٣).

قال مالك: (مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد، يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه، فإن نكل وأبى أن يحلف، أُحلف المطلوب، فإن حلف سقط عنه ذلك الحق، وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه) (٤)، ومثل هذا قال الإمام أحمد (٥).

والقول الثاني: أنه لا يقبل القضاء بالشاهد مع اليمين، وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وهو قول الشعبي والنخعي والزهري والأوزاعي، بل قال محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة- يفسخ القاضي القضاء به؛ لأنه خلاف القرآن (٦).

واستدلوا بقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] ووجه الدلالة: أن الآية نص صريح في اشتراط العدد في الشهود، فلا يجوز أقل من هذا العدد بمفهوم المخالفة؛ لأن الله تعالى ألزم الحاكم بهذا العدد من نصاب الشهادة، كقوله


(١) انظر: "بداية المجتهد" (٤/ ٤٤٣)، "المغني" (١٤/ ١٣٠)، "مغني المحتاج" (٤/ ٤٤٣).
(٢) "المغني" (١٤/ ١٣٠)، وانظر: "الإشرف" لابن المنذر (٤/ ٢٢٨).
(٣) "الموطأ" (٢/ ٧٢٢)، "السنن الكبرى" للنسائي (٥/ ٤٣٧).
(٤) "الموطأ" (٢/ ٧٢٢).
(٥) "المغني" (١٤/ ١٣٢).
(٦) "الاستذكار" (٢٢/ ٥٣)، "المغني" (١٣/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>