للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمرأتين، فدل على أن المراد بـ"شاهداك" بينتك، وإنما خص الشاهدين بالذكر؛ لأنه الأكثر الأغلب، فالمعنى: شاهداك أو ما يقوم مقامهما (١). ولو سلمنا بدلالة الحديث لكان من قبيل العام وأحاديث الشاهد واليمين من قبيل الخاص فتقدم.

قال الشوكاني: (جميع ما أورده المانعون من الحكم بشاهد ويمين غير نافق في سوق المناظرة عند من له أدنى إلمام بالمعارف العلمية، وأقل نصيب من إنصاف) (٢).

• الوجه الثالث: القضاء بالشاهد واليمين يكون في الأموال أو ما يؤول إليها، كالبيع والشراء والإجارة ونحوها؛ لأن الأموال أقل خطرًا من سائر الحقوق الأخرى، ويخرج من ذلك الحد والقصاص فإنهما لا يثبتان بالشاهد واليمين، وكذا النكاح وحقوقه كالطلاق والرجعة (٣)، وقد ذكر ابن قدامة أن العقوبات البدنية والنكاح وحقوقه لا تثبت بشاهد ويمين قولًا واحدًا (٤).

وقد دل على ذلك ما جاء في رواية أبي داود من طريق محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار … قال عمرو: (في الحقوق)، وعند أحمد: قال عمرو: (إنما ذاك في الأموال) (٥). وهذا التخصيص وإن كان من كلام الراوي فإنه أعلم بتفسير ما روى من غيره، قال الخطابي: (هذا خاص بالأموال دون غيرها؛ لأن الراوي وَقَفَهُ عليها، والخاص لا يُتعدى به محله، ولا يقاس على غيرهن، واقتضاءُ العموم منه غير جائز؛ لأنه حكاية فعل، والفعل لا عموم له، فوجب صرفه إلى أمر خاص، فلما قال الراوي: (هو في الأموال) كان مقصورًا عليه) (٦). والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٥/ ٢٨٣).
(٢) "نيل الأوطار" (٨/ ٣٢٢).
(٣) "الموطأ" (٢/ ٧٢٢).
(٤) "المغني" (٤١/ ١٢٨).
(٥) "المسند" (٥/ ١٢٠).
(٦) "معالم السنن" (٥/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>