للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (في دابة) الدابة في اللغة اسم كل ما يَدِبُّ على الأرض، وخصها أهل العرف بذوات الأربع، والظاهر أن هذه الدابة كانت بعيرًا، فقد جاء في رواية أبي داود: (أن رجلين ادعيا بعيرًا أو دابة … )، وفي رواية: (أن رجلين ادعيا بعيرًا … ).

قوله: (ليس لواحد منهما بينة) أي: ليس لواحد منهما بعينه بينة بل لهما؛ والمعنى: أن كلًّا منهما له بينة، أو لا بينة أصلًا، وهذا أظهر، ويدل للمعنى الأول رواية أبي داود من طريق همام، عن قتادة: (أن رجلين ادعيا بعيرًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث كل واحد منهما شاهدين، فقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما نصفين) (١). وهذا على أنها قصة واحدة.

• الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على أنه إذا ادعى اثنان عينًا كبعير أو شاة ونحوهما، وليس لواحد منهما بينة، فإن العين بينهما. قال الموفق: (لا نعلم في هذا خلافًا) (٢)، وذلك لاستوائهما في الملك باليد؛ لأن ظاهر الحديث أن العين بيدهما معًا كدابة يركبانها، أو أرضًا بينهما ونحو ذلك، وذلك لأن يد كل واحد منهما على نصفها، وإنما قلنا: إن ظاهر الحديث أن العين بيدهما؛ لأنها لو كانت بيد أحدهما لما جعلت نصفين، وإنما تكون لمن هي بيده بيمينه، إلا إن كان له بينة فإنه يقضى له ببينته.

ومثل هذا لو أقام كل واحد منهما البينة على دعواه تساقطتا وصارتا كالعدم، وحَكَمَ الحاكم بما ادعياه بينهما نصفين لاستوائهما في البينة.

وعلى هذا فما ورد في حديث أبي موسى بروايتيه -لو صَحَّ- يحتمل فيه أن القصة واحدة، ولما تعارضت البينتان تساقطتا فصار كمن لا بينة له، وبهذا يجمع بين الروايات.

ويحتمل أن البعير كان في يد غيرهما فلما أقام كل واحد منهما شاهدين


(١) "السنن" (٣٦١٥).
(٢) "المغني" (١٤/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>