للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (لا يبايعه إلَّا للدنيا) أي: لأجل شيء يحصل له من متاع الدنيا.

قوله: (فإن أعطاه) الفاء تفسيرية، تفسر مبايعته للإمام للدنيا.

قوله: (وفَى) أي: أدى ما عليه من الطاعة مع أن الوفاء واجب مطلقًا.

• الوجه الثالث: في الحديث وعيد عظيم وزجر شديد لمن اتصف بواحدة من الصفات المذكورة بأن الله تعالى لا يكلمهم يوم القيامة كلام محبة ورضا، ولا ينظر إليهم نظر رحمة ولطف، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فحالهم حال المغضوب عليهم لعظم جرمهم.

وهذا وعيد، وقد يتوب الله عليهم ويرحمهم فضلًا منه سبحانه وتعالى، وقد يوفقهم لتوبة صادقة في الدنيا.

• الوجه الرابع: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على إثبات صفة الكلام لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لأن نفي الكلام عن هؤلاء دليل على أن الله تعالى يكلم من أطاعه، ومثل هذا في الاستدلال قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} [المطففين: ١٥].

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على تحريم منع الآخرين من الماء الفاضل عن حاجة الإنسان، وأنه يجب على الإنسان بذل ما فضل عن كفايته، ولا سيما إذا كان طالب الماء مسافرًا وفي أرض فلاة، قال ابن بطَّال: (فيه دلالة على أن صاحب البئر أولى من ابن السبيل عند الحاجة، فإذا أخذ حاجته لم يجز له منع ابن السبيل) (١).

وقد ورد في بعضى الروايات عند البخاري: "ورجل منع فضل مائه، فيقول الله: اليومَ أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك" (٢)، ولا يلزم من ذلك مواجهته بهذا الكلام؛ لئلا يعارض هذا ما تقدم أول الحديث من أن الله تعالى لا يكلم هؤلاء، فيكون الكلام لله تعالى بلا مخاطبة، ويحتمل أن


(١) "شرح صحيح البخاري" (٦/ ٤٩٩)
(٢) "صحيح البخاري" (٧٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>