للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذا سياق أدل على المراد وأوضح في المقصود لقوله: "قد غطيا رؤوسهما".

وكان أهل الجاهلية يقدحون في نسب أسامة؛ لكونه أسود شديد السواد، وكان أَبوه زيد أبيض من القطن، كما جاء في رواية أبي داود (١)؛ لأن أسامة جاء على أمه أم أيمن، واسمها بركة، وكانت حبشية، وأيمن ولدها من عبيد بن عمرو بن الخزرج، فولدت له أيمن، ويقال: إن عبيدًا حبشي من موالي الخزرج.

فلما قضى هذا القائف بإلحاق نسب أسامة بأبيه زيد مع اختلاف اللون، وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف سُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لكون ذلك زاجرًا لهم عن الطعن في النسب.

وقد أثار القاضي عياض -هنا- إشكالًا، فقال: لو صح أن أم أيمن كانت سوداء لم ينكروا سواد ابنها أسامة؛ لأن السوداء قد تلد من الأبيض أسود (٢).

قال الحافظ: (يحتمل أنَّها كانت صافية، فجاء أسامة شديد السواد، فوقع الإنكار لذلك) (٣).

وفي "شرح الأُبّي" قال: (لم أر من المؤرخين من ذكر أنَّها كانت سوداء، إلَّا أحمد بن سعيد الصيرفي، فإنه ذكر في "تاريخه" بسنده إلى ابن سيرين أنَّها كانت سوداء، وأُراه ليس بصحيح؛ لأنه لو صح لم ينكر الناس لونه، إذ لا يبعد أن يلد الأبيضُ الأسودَ من السوداء … ) (٤).

وأما كونها حبشية فلا يلزم منه أنَّها سوداء، فقد يكون المعنى أنَّها من مهاجرة الحبشة، كما قال عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لأسماء بنت عميس: (آلحبشية هذه؟) (٥).


(١) "السنن" (٢٢٦٧).
(٢) "إكمال المعلم" (٤/ ٦٥٦).
(٣) "فتح الباري" (١٢/ ٥٧).
(٤) "شرح الأُبي" (٤/ ٨٣).
(٥) "صحيح البخاري" (٤٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>