للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على جواز اضطجاع الرجل مع ولده في لحاف واحد، وهذا من قوله: "وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما" فإن ظاهر قوله: "قطيفة" أنَّه لحاف واحد.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز العمل بقول القائف في إلحاق النسب حيث يشتبه إلحاق الولد بأحد الواطئين في طهر واحد، بشرط عدم ما هو أقوى منه كالفراش، فإن وجد الفراش فالحكم به مقدم مطلقًا، ولهذا تقدم في "اللعان" في قصة الرجل الذي ولدت امرأته غلامًا أسود أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يمكنه من نفيه، ولا جعل للشبه ولا لعدمه أثرا لوجود الدليل القوي وهو الفراش.

ووجه الاستدلال من الحديث: إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القائف على قوله: (هذه أقدامٌ بعضها من بعض) وسروره بذلك، ولا يسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بحق، والإقرار حجة شرعية؛ لأنه أحد أقسام السنة.

صحيح أن نسب أسامة كان ثابتًا بالفراش، ولكن سرور النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على اعتبار قول القائف، فَسُرَّ بموافقة قوله للفراش، لا أنَّه أثبت النسب بقوله، فزالت بذلك تهمة القدح في نسبه بتلك الشهادة.

والقول بجواز العمل بقول القافة هو مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشَّافعي وأحمد، وعلى هذا فالقيافة من القرائن الدالة على ثبوت النسب؛ لأنها تبين الشبه بين الولد وأصله (١).

والقول الثاني: أنَّه لا يجوز العمل بقول القائف في إثبات النسب، والولد إذا ادعاه اثنان حكم به لهما، وهذا قول الحنفية، قالوا: والحكم بالقافة تعويل على مجرد الشبه والظن والتخمين، والشبه قد يوجد في الأجانب وينتفي عن الأقارب (٢).


(١) "المهذب" (٢/ ١٥٥)، "المغني" (٨/ ٣٨٥).
(٢) "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>