للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد دل الحديث على أن هذا الفضل العظيم إنما هو في عتق الرقبة المسلمة، لما يحصل في عتق المؤمن من المنافع العظيمة كالجهاد والشهادة والمعونة على إقامة شرائع الدين، وأما عتق الكافر فلا خلاف في جوازه من باب التطوع، وأما كونه عن كفارة فهو موضع خلاف مذكور في أَبوابه.

• الوجه الخامس: الحديث دليل على أن إعتاق كامل الأعضاء أفضل من عتق ناقصها، ليحصل الاستيعاب المستفاد من قوله: (استنقذ الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار) وعلى هذا فلا ينبغي أن يكون المعتق - بالفتح - ناقصًا بعور أو شلل وشبههما، ولا معيبًا بعيب يضر بالعمل، ويخلُّ بالسعي والاكتساب (١).

• الوجه السادس: استدل الفقهاء بحديث أبي أمامة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - على أن عتق الذكر أفضل من عتق الأنثى؛ لأن الحديث جعل عتق الأنثى على النصف من عتق الذكر، فالرجل إذا أعتق الذكر أو أعتق امرأتين كان ذلك فِكاكه من النار، وإذا أعتق امرأة واحدة كانت فكاك نصفه من النار، والمرأة إذا أعتقت الأمة كانت فكاكها من النار.

ووجه ذلك أن جنس الرجال أفضل؛ ولأن عتق الذكر فيه من المعاني والمنافع ما ليس في عتق الأنثى، من الجهاد وولاية القضاء وقبول الشهادة والإمامة وغير ذلك مما يختص بالرجال إما شرعًا وإما عادة، وهذا لا يعني الحط من قيمة المرأة، فإن نصوص الشريعة سوَّت بين الذكر والأنثى في أصل الخلق والتكليف والثواب والعقاب، وللمرأة دور كبير في المجتمع في إعداد الناشئة وتربية الأجيال، وإنَّما المراد أن ما يحصل من الرجل بعد عتقه من النفع أكثر مما يحصل من الأنثى، على أن بعض العلماء قال: إن عتق الأنثى أفضل؛ لأنه يكون ولدها حرًّا، سواء تزوجها حر أو عبد، وقال آخرون: عتق الأنثى للأنثى أفضل، وهذا رواية عن أحمد (٢)، والله أعلم.


(١) "أعلام الحديث" (٢/ ١٢٦٤ - ١٢٦٥).
(٢) "الإنصاف" (٧/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>