للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (استنقذ الله) أي: وَقَى وأنقذ وخلص بكل عضو منه عضوًا منه من النار.

قوله: (بكل عضو منه عضوًا منه من النار) أي: أنقذ الله عوض كل عضو من أعضاء المعتق - بالفتح - عضوًا من أعضاء المعتق - بالكسر - ونجاه من جهنم يوم القيامة، وفي رواية في "الصحيحين": "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار حتى فرجه بفرجه" (١).

قوله: (كانتا فكاكه من النار) كتبت في جميع نسخ "البلوغ" بكسر الفاء، والمشهور الفتح، وكسرها لغة حكاها ابن السكيت، ومنعها الأصمعي والفراء (٢). والمعنى: كانتا خلاص المعتق - بالكسر - من نار جهنم.

قوله: (يجزئ كل عضو منها عضوًا منه) يروى بالهمز من الإجزاء، ذكره شارح (جامع التِّرمِذي) وقال: (كذا في النسخ الحاضرة)، ثم قال: (الظاهر أن نسخ التِّرمِذي مختلفة في هذا اللفظ) (٣)، وكذا رأيته في "الكبرى" للنسائي مضبوطًا بالهمز (٤). ويروى بضم الياء التحتانية وفتح الزاي غير مهموز، كذا ضبطه الشوكاني مستندًا إلى نسخة "المنتقى" (٥)؛ أي: يقضي وينوب.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على فضل عتق الرقاب وتخليصها من الرق وأن هذا من أجَلِّ الطاعات وأعظم القربات، ومن أسباب العتق من النار؛ لأنه أعتق هذا الرقيق لله تعالى، فكان جزاؤه أن يعتقه الله من النار؛ لأن المجازاة قد تكون من جنس الأعمال، فجوزي المعتق للعبد بالعتق من النار (٦)، وهذا - والله أعلم - لكون الرقيق في حكم المعدوم إذ لا تصرف له في نفسه، وإنَّما يُتصرف فيه كما يُتصرف في الدابة، فكان عتقه كإخراجه من العدم إلى الوجود؛ لما في عتقه من تخليصه من ضرر الرق، وملك نفسه ومنافعه وتكميل أحكامه وتمكنه من التصرف في نفسه وشؤون حياته على حسب إرادته واختياره في حدود الشرع.


(١) تقدم قبل هذه الحاشية.
(٢) "المصباح" ص (٤٧٩)، "تحفة الأحوذي" (٥/ ١٥٢).
(٣) "تحفة الأحوذي" (٥/ ١٥٢).
(٤) (٥/ ٦).
(٥) "نيل الأوطار" (١١/ ٣٩٥).
(٦) "التوضيح" (١٦/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>