للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا سند ضعيف لانقطاعه؛ لأن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل، قال أَبو داود: (سالم لم يسمع من شرحبيل مات شرحبيل بصفين)، وصفين سنة سبع وثلاثين، وسالم مات سنة مائة على أحد الأقوال، ويدل لذلك قول أبي زرعة: (سالم بن أبي الجعد عن عمر وعثمان وعلي مرسل) (١)، ومن المعلوم أن عليًّا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مات سنة أربعين، فمعنى هذا أن سالمًا لم يسمع من شرحبيل قطعًا لكونه مات قبل الأربعين.

وروى هذا الحديث النَّسائي (٥/ ٧) من طريق منصور، عن سالم، عن كعب بن مرة، ولفظه: " … وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة، فهو فكاكها من النار، كل عظم منها عظمٌ منها".

قال الحافظ: (إسناده صحيح) (٢). والحديث يشهد له ما قبله إن سلم الأمر من الاختلاف على سالم بن أبي الجعد؛ لأن مدار الحديثين عليه، ويؤيد هذا رواية النَّسائي، والله أعلم.

• الوجه الثالث: في شرح ألفاظها:

قوله: (أيما امرئ) هذا لفظ مسلم -كما تقدم- ولفظ البخاري: "أيما رجل" وأي: شرطية دخلت عليها (ما) وهي من صيغ العموم، وفي رواية من حديث أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "من أعتق رقبة مسلمة. . ." (٣)، وكل هذه صيغ عموم.

قوله: (امرئ مسلم) هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري خلا من هذا القيد، وهو لإخراج الكافر؛ لأنه لا يثبت الأجر للمعتق - بالكسر - إلَّا إذا كان مسلمًا، وأما العتق الصادر من الكافر فإنه وإن كان يصح وينفذ إلَّا أنَّه لا ثواب له، ولا ينجو بسببه من النار.

قوله: (أعتق امرأً مسلمًا) هذا قيد في الرقبة المُعْتَقَةِ، وهو يفيد أن هذه الفضيلة لا تنال إلَّا بعتق الرقبة المسلمة، وإن كان في عتق الكافرة فضل لكنه لا يبلغ ما وعد به هنا من الأجر.


(١) "المراسيل" لابن أبي حاتم ص (٨٠).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ١٤٧).
(٣) رواه البخاري (٦٧١٥)، ومسلم (١٥٠٩) (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>