للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السعاية في الحديث) (١).

وذهب آخرون إلى عدم الإدراج، وأن لفظة: (واستسعي العبد غير مشقوق عليه) من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وممن قال بذلك البخاري ومسلم حيث رويا الحديث بتمامه وأدخلاه في كتابهما، وجزما برفع هذه الجملة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وكذا ابن دقيق العيد في "شرحه على العمدة" (٢)، وابن عبد الهادي في "التنقيح" (٣)، ولما ذكر الحديث في "المحرر" سكت عن الإدراج (٤)، ووجهة نظر هؤلاء أن هذه الجملة من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قَتَادة، وقد تابعه جرير بن حازم وحجاج وغيرهما -كما تقدم- وسعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قَتَادة من غيره، لكثرة ملازمته له وأخذه عنه، فإنه كان أكثر ملازمة لقَتَادة من همام وغيره، وهشام وشعبة وإن كانا أحفظ من سعيد لكن روايتهما في عدم ذكر هذه الجملة لا تنافي رواية سعيد؛ لأنهما اقتصرا في رواية الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتَّى يُتوقف في زيادة سعيد؛ لأن ملازمته لقَتَادة أكثر منهما، فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، مع أنَّه لم ينفرد؛ فإن البخاري قد روى الحديث من رواية جرير بن حازم؛ لينفي التفرد عن سعيد، ثم أشار إلى ثلاثة تابعوهما على ذكرها، فقال: (تابعه -أي: سعيد- حجاج بن حجاج، وأبان، وموسى بن خلف عن قَتَادة … اختصره شعبة)، وقوله: (اختصره شعبة) إجابة عن إشكال: وهو أنَّه إذا كان شعبة أحفظ الناس لحديث قَتَادة -كما تقدم- فكيف لم يذكر الاستسعاء؟ فأجاب: بأن شعبة اختصر الحديث، وغيره ساقه بتمامه، وهذا لا يؤثر، إضافة إلى أن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، وخلاصة ذلك أن رواية سعيد بهذه الزِّيادة قد قويت بهذه المتابعات، ورواية شعبة لا تنافيها؛ لأنها من قبيل اختصار الحديث، والعلم عند الله تعالى.


(١) "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٨٢).
(٢) "إحكام الأحكام" (٤/ ٥٦٦).
(٣) (٥/ ٩٤).
(٤) ص (٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>