للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإلا قوم عليه) مبني لما لم يسم فاعله؛ والمعنى: أن المعتِق -بكسر التاء- إن لم يكن له مال يفي بقيمة الباقي؛ قدر أهل الخبرة قيمة هذا العبد وصارت دينًا على العبد.

قوله: (واستسعي) مبني لما لم يسم فاعله؛ أي: أُلزم العبد اكتساب ما يفك بقية رقبته من الرق، بأن يكتسب ويعمل حتَّى يحصل قيمة أنصباء شركاء المعتق، فسمي تصرفه في كسبه سعاية، وقيل: المراد أن يخدم سيده الذي لم يعتقه بقدر ما له فيه من الرق (١).

قوله: (غير مشقوق عليه) بالنصب حال من نائب الفاعل، وهو العبد؛ أي: لا يكلف المملوك ما يشق عليه في السعاية، وعلى المعنى الثاني: أنَّه لا يكلفه سيده من الخدمة فوق ما يطيقه ولا فوق حصته من الرق.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز عتق العبد المشترك من بعض الشركاء، وأن من أعتق نصيبه من عبد مشترك بينه وبين غيره أنَّه يلزمه عتق باقيه وخلاصه كله من ماله، إذا كان غنيًّا قادرًا على دفع قيمة أنصباء شركائه الذين لم يعتقوا نصيبهم، ويصير العبد حرًّا؛ لأن تبعيض العتق يضر بالعبد ولا تتم به المصلحة.

ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذكرًا أو أنثى على قول الجمهور، إما لأن لفظ العبد في الحديث يراد به جنس الرقيق، كما في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} [مريم: ٩٣]، فإنه يتناول الذكر والأنثى، وإما على طريق الإلحاق بنفي الفارق، كما هو معلوم من باب القياس في الأصول (٢).

ومفهوم قوله: (فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال) أنَّه لا يلزم استسعاء العبد عند يسار المعتِق (٣).


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (١٠/ ٢٨٤).
(٢) "المفهم" (١٤/ ٣١١).
(٣) "الأعلام" (١١/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>