للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أنَّه إذا كان الذي أعتق نصيبه فقيرًا غير قادر على دفع أنصباء شركائه الذين لم يعتقوا نصيبهم فإنه يعتق من العبد ما قدر عليه، ويبقى رقيقًا فيما بقي من نصيب الشركاء ويكون مبعضًا.

• الوجه الخامس: اختلف العلماء فيما إذا أعتق الشريك نصيبه من عبد بينه وبين غيره وعجز عن عتق باقيه على قولين:

الأول: أنَّه ينفذ العتق في نصيب المعتِق -بكسر التاء- فقط، ولا يطالب المعتِق بشيء، ولا يستسعى العبد، بل يبقى نصيب الشريك رقيقًا كما كان، وهذا قول مالك والشَّافعي وأحمد وأبي عبيد (١)، وهؤلاء يستدلون برواية: (فقد عتق منه ما عتق).

وأجابوا عن جملة: (واستسعي العبد غير مشقوق عليه) بأنها مدرجة من كلام الراوي -كما تقدم- وعلى فرض ثبوتها فالاستسعاء باختيار العبد، لقوله: (غير مشقوق عليه) إذ لو كان ذلك لازمًا لحصل له مشقة، ومعلوم أن هذا غير لازم في الكتابة؛ لكونها غير واجبة، فهذا مثلها، وهذا قول البيهقي. أو يقال إن المراد بالاستسعاء: استمرار العبد في خدمة سيده الذي لم يعتق بقدر ما له فيه من الرق، كما تقدم.

القول الثاني: أن الشريك إذا أعتق نصيبه استسعي العبد وطُلب منه أن يعمل ليحصل نصيب الشريك الذي لم يعتق.

وهذا مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وهو قول الأوزاعي وإسحاق وآخرين (٢)، واستدلوا بما تقدم من لفظة: (واستسعي العبد غير مشقوق عليه) بناءً على ثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) "بداية المجتهد" (٤٥/ ٢٣١)، "المغني" (١٤/ ٣٥٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (٤/ ٨٧)، "المغني" (١٤/ ٣٥٨)، "الاختيارات" ص (١٩٨)، " مختصر تهذيب السنن" (٥/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>