للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فجزأهم أثلاثًا) بتشديد الزاي المعجمة، ويجوز تخفيفها، لغتان مشهورتان؛ أي: قسمهم ثلاث حصص، كل عبدين على حدة.

قوله: (ثم أقرع بينهم) أي: هيأهم للقرعة، والقرعة -بضم القاف-: استهام يتعين به نصيب الإنسان، ولها طرق كثيرة.

قوله: (وأرق أربعة) بتشديد القاف، فعل ماض معدى بالهمزة، من رق الثلاثي اللازم، يقال: رَقَّ الشخص يَرِقُّ - بالكسر - من باب ضرب فهو رقيق، ويتعدى بالحركة وبالهمزة، فيقال: رقَّقته وأرقُّه من باب قتل، وأرققته فهو مرقوق (١)؛ والمعنى هنا: أبقى حكم الرق على الأربعة.

قوله: (وقال له قولًا شديدًا) أي: غلظ له بالقول والذم والوعيد كراهية لفعله وسوء تصرفه حيث زاد عتقه على الثلث، ومنع الورثة حقوقهم، وقد جاء في رواية عند أبي داود من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي زيد الأنصاري؛ بمعنى هذا الحديث وقال: -يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين" (٢).

• الوجه الثالث: الحديث دليل على أن العتق في مرض الموت يأخذ حكم الوصية، فلا ينفذ إلَّا فيما أذن فيه الشرع وهو الثلث فأقل، فإذا كان العتق لجماعة من العبيد ولم يحملهم الثلث وقد تساوت قيمتهم -ويغتفر التفاوت اليسير- وكان لهم ثلث صحيح كستة أعبد، قيمة كل اثنين منهم ثلث المال، جعلنا كل اثنين منهم ثلثًا، وأقرعنا بينهم بسهم حرية وسهمي رق، فمن وقع لهما سهم الحرية عتقا، ورقَّ الباقون، وهذا مذهب الجمهور من أهل العلم؛ لأن قول الراوي: (فجزأهم ثلاثًا) ظاهره أنَّه اعتبر عدد أشخاصهم دون قيمتهم، وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد.


(١) "المصباح المنير" ص (٢٣٥).
(٢) "سنن أبي داود" (٣٩٦٠)، ورواه النَّسائي في "الكبرى" (٥/ ٣٥)، وأحمد (٣٧/ ٩٧)، وهو حديث ضعيف لانقطاعه والاختلاف في سنده، ونكارة متنه، والمحفوظ ما رواه أيوب عن أبي قلابة، كما أخرجه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>