للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما تقدم في كتاب "البيوع" برقم (٧٩٧) وهو حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته. رواه البخاري برقم (٢٥٣٥) من طريق شعبة، وبرقم (٦٧٥٦) من طريق سفيان، ومسلم (١٥٠٦) من طريق سليمان بن بلال، ثلاثتهم عن عبد الله بن دينار، سمعت عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - يقول:

* الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (الولاء) الولاء: بفتح الواو مع المد، لغة: السلطة والنصرة، ويطلق على القرابة، فيقال: بينهما ولاء؛ أي: قرابة، والمراد هنا: ولاء العتاقة، وهو عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق، وتقدم هذا.

قوله: (لحمة كلحمة النسب) اللُّحْمة: بضم اللام وسكون الحاء، ويجوز فتح اللام، هي القرابة والعلاقة، وأصل اللَّحمة: بفتح اللام، والضم لغة: خيوط النسيج العرضية في الثوب يُلحم بها السَّدَى وهو ما يُمَدُّ طولًا؛ والمعنى: أن الولاء ارتباط وعلقة بين المعتق وعتيقه كعلقة وارتباط النسب؛ ومعنى تشبيهه بلحمة النسب: أنه يجري الولاء مجرى النسب في الميراث، كما تخالط اللحمة سَدَى الثوب حتى يصير كالشيء الواحد؛ لما بينهما من المداخلة الشديدة (١).

قوله: (لا يباع ولا يوهب) أي: لا يجوز التنازل عنه بثمن ولا بغير ثمن لشخص آخر؛ لأن هذه العصوبة أمر معنوي، كالنسب الذي لا يتأتى انتقاله من شخص إلى شخص آخر، فلو قال: يا فلان بعتك قرابتي من أخي أو وهبتك إياها؛ ما صار أخًا لهذا الشخص، فكذا ولاء العتق.

* الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على النهي عن بيع الولاء وعن هبته؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شبهه بالنسب، والنسب لا ينتقل بعوض ولا بغير عوض، ووجه التشبيه: أن السيد لما أعتق عبده أخرجه من حيِّز المملوكية التي


(١) انظر: "النهاية" (٤/ ٢٤٠)، "المعجم الوجيز" ص (٣٠٧، ٥٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>