للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظل غيره - سبحانه وتعالى - في ذلك اليوم، وقد مضى الكلام على ذلك في كتاب "الزكاة" عند الحديث (٦٣١).

الوجه الرابع: يستدل الفقهاء بهذا الحديث -ومنهم فقهاء الشافعية- في باب "الكتابة" على فضل إعانة المكاتب على سداد ديون كتابته (١).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح يريد العفاف" (٢).

وقد نص الفقهاء على أنه يستحب للسيد أن يضع عن مكاتبه ربع مال الكتابة، وهذا قول مالك، وأبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد، وعللوا للاستحباب بأن الكتابة عقد معاوضة، فلا يجب فيه الإيتاء، كسائر عقود المعاوضات.

وقال الشافعي وإسحاق بوجوب حَطِّ الربع، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة (٣)، لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣]، وظاهر الأمر الوجوب، وقد ورد عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في تفسير هذه الآية: (يُحطُّ عنه الربع) (٤).

وظاهر الآية أن ذلك لا يتقدر بقدر معين.

والقول الثاني: أن المراد بالآية إعطاء المكاتب من الزكاة ما يستعين به على التحرر من الرق، وبه قال جماعة من السلف، واختاره ابن جرير (٥).

وأما المجاهد فقد تكاثرت الأدلة من الكتاب والسنة في فضل الإنفاق


(١) انظر: "التلخيص" (٦/ ٣٢٨١).
(٢) رواه الترمذي (١٦٥٥)، والنسائي (٦/ ١٥، ١٦)، وابن ماجه (٢٥١٨)، وأحمد (١٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩)، وقال الترمذي: (حديث حسن).
(٣) "المغني" (١٤/ ٤٥٨).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٥٨٧) موقوفًا، وأخرجه -أيضًا- مرفوعًا، وكذا البيهقي (١٠/ ٣٢٩)، وقال: (الصحيح موقوف)، وقال ابن كثير في "تفسيره" (٦/ ٥٧): (هذا حديث غريب، ورفعه منكر، والأشبه أنه موقوف على علي - رضي الله عنه -).
(٥) "تفسير ابن جرير" (١٨/ ٩٩)، "تفسير ابن كثير" (٦/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>