للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العدد لا مفهوم له ما لم يوجد قرينة، كما هو مقرر في الأصول؛ لأن للمسلم على أخيه حقوقًا كثيرة يجمعها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (١)، وأحاديث أخرى.

وإما لأن محل العمل بمفهوم العدد ما لم يعلم خلافه، فإن علم خلافه بأدلة أخرى لم يعمل به، وذلك لأن الحقوق المتأكدة كثيرة، على أنه قد يقال بترجيح رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - لإمامته ولاتفاق الشيخين عليها.

واقتصر على ما ذكر، إما لأنها المشروعة إذ ذاك وما عداها شرع بعد، وإما لأنها الأنسب بحال السامعين لشدة احتياجهم إليها (٢).

قوله: (إذا لقيته فسلم عليه) أي: ابدأه بالسلام ندبًا عينيًّا إن كنت وحدك، وإلا فعلى الكفاية على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله-.

قوله: (وإذا دعاك فأجبه) أي: إذا دعاك لحضور وليمة أو غيرها فأجب دعوته، ويحتمل العموم فيشمل حتى الدعوة لمساعدته ومعاونته على حمل شيء ونحو ذلك.

قوله: (وإذا استنصحك فانصحه) السين والتاء للطلب؛ أي: طلب منك النصح، وهو الدعاء إلى ما فيه صلاح المنصوح قولًا أو فعلًا (٣).

وقوله: (فانصحه) هكذا في نسخ "البلوغ"، والذي في "صحيح مسلم": (فانصح له) وهي اللغة الفصيحة التي نزل بها القرآن، قال تعالى: {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: ٣٤]، وفي لغة يتعدى بنفسه، فيقال: فانصحه.

والنصيحة: مشتقة من نَصَحَ الرجل ثوبه: إذا خاطه، أو من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، وسيأتي مزيد لهذا عند شرح حديث تميم الداري - رضي الله عنه - برقم (١٥٤١).


(١) الحديث متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وسيأتي شرحه -إن شاء الله- برقم (١٤٦٧).
(٢) "دليل الفالحين" (٢/ ٢٥).
(٣) انظر: "التعريفات" ص (٣٦٠)، "المفردات في غريب القرآن" ص (٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>