للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإذا عطس فحمد الله) بفتح الطاء في الماضي وكسرها في المضارع من باب ضرب، وفي لغة بضمها في المضارع من باب قتل.

قوله: (فسمته) أمر من التسميت -بالسين المهملة- وقد وقع في بعض نسخ "البلوغ": (فشمته) بالشين المعجمة، والأول هو المثبت في "صحيح مسلم"، وهما بمعنى واحد؛ لأن معناهما: يرحمك الله، أي: أعطاك الله رحمة يرجع بها ذلك العضو إلى حاله قبل العطاس من غير تغيير. قال أبو عبيدة: (التشميت هو الدعاء، وكل داع لأحد بخير فهو مُشَمِّتٌ له .. وفي هذا الحرف لغتان: سَمَّتَ وشَمَّتَ، والشين أعلى في كلامهم وأكثر) (١) فإن كان بالمهملة فهو مأخوذ من السمت، وهو القصد والطريق المستقيم، ويكون المعنى: رجع كل عضو إلى سمته الذي كان عليه؛ لأن العاطس ينحلُّ كل عضو في رأسه وما يتصل به، وإن كان بالمعجمة فمعناه: صان الله شوامته؛ أي: قوائمه التي بها قوام بدنه عن خروجها عن الاعتدال (٢).

قوله: (وإذا مرض فعده) أمر من العيادة، وهو من باب نصر، تقول: عدت المريض عيادة: إذا زرته، وسميت عيادة لتكررها، والمريض أعم من أن يكون معروفًا أم غير معروف، قريبًا أم بعيدًا.

قوله: (وإذا مات فاتبعه) أي: امشِ خلف جنازته من منزله أو من موضع الصلاة عليه إلى المقبرة، وعليه الناس اليوم.

والمراد بذلك السير مع جنازة أخيك المسلم حتى يُفرغ من دفنه، وعدم التخلف عنه لأداء راتبة أو نحو ذلك مما يخل بمعنى الاتباع.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من سمات الدين الإسلامي أنه دين المحبة والمودة والتآلف بين المسلمين، ومن هنا جاء الإسلام ببيان الحقوق التي تنمي المحبة وتحقق المودة وتزيد في التآلف، وهي حقوق يسيرة


(١) "غريب الحديث" (١/ ٤٠٣ - ٤٠٤)، وانظر: "معجم مقاييس اللغة" (٣/ ٢١٠).
(٢) انظر: "القبس" لابن العربي، ضمن "موسوعة شروح الموطأ" (٢٣/ ٦٤ - ٦٥)، "عارضة الأحوذي" (٩/ ٢٠٦)، "فتح الباري" (١٠/ ٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>