للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علان: (هذه الألفاظ كلها لا أصل لها في التحية ولم يثبت منها شيء) (١).

وأما ما ذكر ابن مفلح في "الآداب الشرعية" من النقول عن الإمام أحمد وبعض الأحاديث الدالة على جواز الابتداء بمثل ذلك فالظاهر من نقله أن التحية بمثل هذه الألفاظ لا بأس بها عند الحنابلة، ويكتفى بها عن السلام، وإن كان السلام أفضل وأكمل، وقد نقل الحافظ ابن حجر بعض الأحاديث والآثار عن السلف في قولهم: كيف أصبحت ونحوها (٢). والظاهر -والله أعلم- أن مثل هذه الألفاظ لا تقوم مقام السلام، وإنما هي سؤال عن الحال يؤتى بها بعد تمام السلام بصيغته الشرعية، وقد ثبت من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمر على نسائه فيسلم على كل واحدة منهن: "سلام عليكم، كيف أنتم يا أهل البيت؟ .. " الحديث (٣)، ولعل ما نقل عن أحمد أو غيره محمول على أن ذلك قيل بعد السلام، أو أن الراوي اقتصر على ما بعد السلام (٤).

وأما رد السلام بمثل: أهلًا، أو أهلًا ومرحبًا ونحو ذلك مما تساهل فيه الناس، فليس برد شرعي؛ لأن الله تعالى قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}. ومثل هذه الجمل ليست بأحسن من لفظ السلام ولا مثله، فعلى الإنسان أن يرد السلام بمثله أو أحسن منه، ثم يردفه بما شاء من ألفاظ الترحيب.

* الوجه السادس: مفهوم قوله: (إذا لقيته فسلم عليه) أنه لا يسلم عليه إذا فارقه، ولكن هذا المفهوم عارضه منطوق، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحقَّ من الآخرة" (٥).


(١) "روضة الطالبين" (١٠/ ٢٣٥)، "الفتوحات الربانية" (٥/ ٣٧٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١١/ ٥٩).
(٣) رواه مسلم (١٤٢٨).
(٤) "الآداب الشرعية" (١/ ٣٨٠)، "طيب الكلام بفوائد السلام" ص (١٣٧)، "تحية السلام في الإسلام" (١/ ٢٧٦).
(٥) رواه أبو داود (٥٢٠٨)، والترمذي (٢٧٠٦)، والنسائي في "الكبرى" (٩/ ١٤٤)، وأحمد (١٢/ ٤٧)، وسنده حسن، وله شواهد ذكرها الألباني في "الصحيحة" رقم (١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>