للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه السابع: الحديث دليل على وجوب إجابة الدعوة لما فيها من إكرام الداعي وجلب المودة والألفة بين الأُسر خصوصًا والمسلمين عمومًا، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن تكون الدعوة إلى وليمة عرس أو غيرها من الولائم، وأن الحضور إليها كلها واجب، وهذا مذهب عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وبعض التابعين، وأهل الظاهر، وبعض الشافعية، وذهب الجمهور إلى أن الإجابة سنّة مؤكدة، والقول بالوجوب قوي، وقد تقدم بحث ذلك في كتاب "النكاح" مع ذكر شروط حضور الدعوة (١).

* الوجه الثامن: في الحديث دليل على وجوب النصح لأخيك المسلم إذا طلب منك ذلك، وظاهر الحديث أن النصيحة لا تجب إلا إذا طلبها، أما إذا لم يأت يطلب النصح ففيه تفصيل، فإن كان عليه ضرر أو إثم فيما سيقدم عليه وجب عليك نصحه؛ لأن هذا من إزالة الضرر والمنكر عن المسلمين، وإن لم يكن فيه ضرر ولا إثم ولكنك ترى غيره أنفع له لم يجب عليك نصحه، بل يندب؛ لأنه من الدلالة على الخير والمعروف (٢)، وسيأتي التفصيل في موضوع النصيحة في شرح حديث تميم الداري - رضي الله عنه - المشار إليه آنفًا.

* الوجه التاسع: الحديث دليل على وجوب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى، ومفهوم الحديث أنه إذا لم يحمد فإنه لا يشمت؛ لأنه هو الذي فوت على نفسه النعمتين: نعمة الحمد لله، ونعمة دعاء أخيه له المرتب على الحمد، ومن فوائد التشميت تحصيل المودة والتآلف بين المسلمين، وتأدب العاطس بكسر النفس عن الكبر والحمل على التواضع لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه إنسان إلا من عصم الله (٣).

وستأتي صفة التشميت، وصفة الرد، وبعض الأحكام والفوائد المتعلقة بالعطاس عند حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي.


(١) انظر: (٧/ ٤١٥ - ٤٢١) من هذا الكتاب.
(٢) انظر: "الفتوحات الربانية" (٦/ ١١)، "حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة" ص (٣٤).
(٣) انظر: "الفتوحات الربانية" (٦/ ٤ - ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>