للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الوجه العاشر: الحديث دليل على وجوب عيادة المريض، ولا خلاف بين أهل العلم أنها مطلوبة، وإنما الخلاف في وجوبها.

فذهب الجمهور إلى أنها سنّة (١)، واستدلوا بأدلة ظاهرها الوجوب، ومنها حديث الباب، وحديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني" (٢)، قال سفيان: والعاني: الأسير.

قالوا: وما ورد من الأمر بها فهو محمول على زيادة الترغيب في عيادة المريض (٣).

القول الثاني: أن عيادة المرض واجبة، وبه قالت الظاهرية، وهو قول البخاري، فإنه بوّب في "صحيحه" فقال: (باب وجوب عيادة المريض) (٤)، واستدلوا بما ورد في الشرع من الأمر بها، والأمر للوجوب.

القول الثالث: أنها واجب كفائي، وبه قال بعض فقهاء الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، وهذا قول قوي، يتمشّى مع نصوص الأمر بها.

واعلم أن الذين قالوا: إنها سنّة قالوا: قد تصل إلى حد الوجوب في حق ذوي الأرحام، فعيادة الأب واجبة؛ لأنها من البر المأمور به شرعًا، وعيادة الأخ واجبة من أجل صلة القرابة (٦).

فالقاعدة في هذا: أنه كلما كان للمريض حق عليك من قرابة، أو صحبة، أو جوار، كانت عيادته آكد.

وظاهر الأحاديث أن العيادة عامة لكل مريض، فيدخل في ذلك المغمى عليه، ومَنْ في غرفة العناية، وإن كان لا يعلم بعائده؛ لأن مشروعية عيادة


(١) "فتح الباري" (١٠/ ١١٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٧٣).
(٣) انظر: "غذاء الألباب" للسفاريني (٢/ ٧).
(٤) "فتح الباري" (١٠/ ١١٢).
(٥) "الإنصاف" (٣/ ٤٦١).
(٦) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>