للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرباعي المتعدي ألعق، وهو ينصب مفعولين، والثاني هنا محذوف؛ أي: أو يلعقها غيره كزوجته -مثلًا- إذا كانت لا تكره لعقها.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أدب من آداب الطعام وهو استحباب لعق الأصابع مما علق بها من الطعام قبل مسحها بمنديل أو نحوه، أو غسلها بالماء، وذلك من باب المحافظة على بركة الطعام والتنظيف لها.

والقول بالاستحباب هو مذهب الجمهور، لما ثبت من السنّة القولية، كما تقدم، والسنّة العملية، كما سيأتي.

وذهب ابن حزم إلى أن ذلك فرض، فقال: (وما سقط من الطعام ففرض أكله، ولعق الأصابع بعد تمام الأكل فرض، ولعق الصحفة إذا تم ما فيها فرض.) (١)، وتبعه على هذا الصنعاني (٢).

وقد ثبت التصريح بالعلة في هذا الإرشاد النبوي الكريم في حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: "إنكم لا تدرون في أيَّهِ البركة" (٣)، وهذه البركة شاملة لحصول التغذية بهذا الطعام وسلامة عاقبته من الأذى، والتقوي به على طاعة الله تعالى وغير ذلك.

وفيه تربية على التواضع والمحافظة على عدم إهمال شيء من فضل الله كالمأكول والمشروب وإن كان تافهًا حقيرًا في العرف؛ لأن التنصيص على علة لا يلزم منه أنه ليس ثَمَّ علة أخرى (٤).

ويمكن أن نضيف تطبيق السنّة والأمر بها حتى بما يعده الناس في العرف دناءة (٥).

° الوجه الرابع: في هذا الحديث رد على من كره لعق الأصابع أو الصحفة استقذارًا، فإن الاستقذار إنما يكون لو أنه لعقها أثناء الأكل ثم


(١) "المحلى" (٧/ ٤٣٤، ٤٣٥).
(٢) "سبل السلام" (٨/ ١٨٢).
(٣) "صحيح مسلم" (٢٠٣٢) (١٣٣).
(٤) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١٠/ ١٢٥).
(٥) "الإعلام" (١٠/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>