للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي يظهر -والله أعلم- هو القول الأول، فإن الأحاديث ظاهرة في أن التشميت فرض عين على كل من سمع العاطس يحمد الله. ولا يجزئ تشميت الواحد عنهم، فإن قوله: (وليقل له أخوه. .. ) أمر ورد في عموم المكلفين مخاطبًا به كل فرد منهم، ومثل هذا لا يسقط إلا بفعل الجميع (١).

° الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه ينبغي للعاطس أن يكافئ من دعا له بالرحمة بأن يدعو له بالهداية وإصلاح البال.

° الوجه السادس: ظاهر الحديث أن تشميت العاطس مشروع إذا قال: الحمد لله، وقد جاء هذا صريحًا في حديث أنس - رضي الله عنه - قال: عطس رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الرجل: يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني، قال: (إن هذا حمد الله ولم تحمد الله" (٢)، وقد بوّب عليه البخاري بقوله: (بَابٌ: لا يشمَّت العاطس إذا لم يحمد الله) (٣).

وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه" (٤).

وعلى هذا فإذا عطس ولم يحمد فإنه لا يشمت، لقوله: "فلا تشتموه" واختار هذا ابن العربي، وقد نقل ابن بطال الإجماع على ذلك (٥)، قال الحافظ: (هو منطوقه، ولكن هل النهي فيه للتحريم أو للتنزيه؟ الجمهور على الثاني) (٦).

وفي هذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد (٧).

والقول الثاني: أنه يُذكّر الحمد؛ لأن هذا من باب النصيحة والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى، واختار هذا النووي (٨).


(١) زاد المعاد" (٢/ ٤٣٧).
(٢) رواه البخاري (٦٢٢٥)، ومسلم (٢٩٩١).
(٣) "فتح الباري" (١٠/ ٦١٠).
(٤) رواه مسلم (٢٩٩٢).
(٥) شرح ابن بطال" (٩/ ٣٦٥)، "عارضة الأحوذي" (١٠/ ٢٠٤).
(٦) "فتح الباري" (١٠/ ٦١٠).
(٧) "زاد المعاد" (٢/ ٤٤٢).
(٨) "الأذكار" ص (٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>