للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (ثم أراد أن يعود)، أي: للجماع مرة أخرى.

قوله: (فليتوضأ بينهما وضوءاً) مصدر مؤكد لعامله، وفائدته تأكيد أن المراد الوضوء الشرعي، وهو غسل الأعضاء الأربعة، وهذا قول بعض أهل الظاهر، وقال الفقهاء وأكثر أهل العلم: إن المراد به غسل الفرج فقط، مبالغة في النظافة واجتناباً لاستدخال النجاسة (١).

والأظهر - والله أعلم - أن المراد بذلك غسل الفرج، ثم الوضوء بغسل أعضائه الأربعة؛ لأن ذلك أكمل في الطهارة والنظافة، ويؤيد ذلك حديث ابن عمر قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «توضأ واغسل ذكرك، ثم نَمْ» (٢).

قوله: (فإنه أنشط للعود) جملة تعليلية، فيها بيان الحكمة من الأمر بالوضوء، وهي أن الوضوء يعطي الجسم قوةً، عوضاً عما حصل له من الضعف في الجماع الأول.

الوجه الثالث: الحديث دليل على شرعية الوضوء لمن جامع أهله ثم أراد أن يعود إلى الجماع مرة أخرى، وظاهر الأمر الوجوب، وحكاه القرطبي عن بعض أهل الظاهر (٣)، وحكاه ابن حجر عن ابن حبيب المالكي أيضاً (٤).

وحمله الجمهور على الاستحباب (٥)، ويدل لذلك حديث عائشة قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ (٦).

لكن ينبغي له ألا يعود إلا بعد الوضوء، وقد علل لذلك بأنه أنشط للعود، مع ما في ذلك من النظافة، أما الغسل فلا يلزم، كما سيأتي.


(١) انظر: "المفهم" (١/ ٥٦٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٠)، ومسلم (٣٠٦) (٢٥).
(٣) "المفهم" (١/ ٥٦٦).
(٤) "فتح الباري" (١/ ٣٧٦).
(٥) المصدر السابق.
(٦) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٢٧)، وذكره في "فتح الباري" وسكت عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>